تمهيــــــــــد

طريق أهل الله أسمى من أن يؤثر فيها مدح المادحين فكيف يؤثر عليها كيد الكائدين، و محجة رسول الله محفوظة بما حفظ به الذكر الحكيم، لأنها الصراط المستقيم، فسبحان من أكرم بها بفضله و كرمه من استحق، و أبعد عنها بعدله من تمرد و أنكر و من السنة مرق (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ...

Lire la suite

مقدمة سيدي أحمد بنعجيبة

بسم الله الرحمن الرحيم يقول العبد الفقير إلى مولاه الغني به عما سواه أحمد بن محمد ابن عجيبة الحسني لطف الله به و حباه إن أولى ما عقد عليه الجنان، و نطقت به ألسنة الفصاحة و البيان، و خطت به أقلام البنان، حمد الفتاح العليم المنان (الحمد لله ) الذي ملأ قلوب أوليائه بمحبته، و اختص...

Lire la suite

متــن الحكـم العطائيـة

بسم الله الرحمـن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

تنبيه: الحكم بالترتيب التي وردت به إنما تم ترقيمها ليسهل الرجوع إليها..

قال الشيخ المحقق: الإمام أبو الفضل تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري

1 من علامة الاعتماد على العمل، نقصان الرجاء عند نزول الزلل.

2 إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، و إرادتك الأسباب مع إقامة الله في التجريد انحطاط عن الهمة العليــة.

3 سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار.

4 أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك لا تقم به لنفسك.

5 اجتهادك فيما ضمن لك و تقصيرك فيما طلب منك، دليل على انطماس البصيرة منك.

6 لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.

7 لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود، و إن تعين زمنه، لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك و إخمادا لنور سريرتك.

8 إذا فتح لك وجها من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها عليك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك، و الأعمال أنت تهديها إليه، و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك.

9 تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال، و الأعمال صور قائمة، و أرواحها وجود الإخلاص فيها.

10 ادفن وجودك في أرض الخمول، فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه.

11 ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.

12 كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته، أم كيف يرحل إلى الله و هو مكبل بشهواته، أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله و لم يتطهر من جنابة غفلاته، أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار و هو لم يتب من هفواته.

13 الكون كله ظلمة، و إنما أناره وجود الحق فيه، فمن رأى الكون و لم يشهده فيه، أو عنده، أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، و حجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار .

14 مما يدلك على وجود قهره سبحانه، أن حجبك عنه بما ليس بموجب معه، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي أظهر كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر بكل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر في كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي ظهر لكل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الظاهر قبل كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو أظهر من كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء و لولاه ما كان وجود كل شي.. يا عجبا كيف يظهر الوجود في العدم، أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف في القدم.

15 ما ترك من الجهل شيء، من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه.

16 إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس.

17 لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها، فلو أراد لاستعملك بغير إخراج.

18 ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها، إلا و نادته هواتف الحقيقة: الذي تطلب أمامك، و لا تبرجت ظواهر المكونات إلا و نادتك حقائقها: إنما نحن فتنة فلا تكفر.

19 طلبك له اتهام له، و طلبك منه غيبة منك عنه، و طلبك لغيره لقلة حيائك منه، و طلبك من غيره لوجود بعدك عنه.

20 ما من نفس تبديه إلا و له قدر فيك يمضيه.

21 لا تترقب فروغ الأغيار، فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له فيما هو مقيمك فيه.

22 لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار، فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها و واجب نعتها.

23 ما توقف مطلب أنت طالبه بربك، و لا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك.

24 من علامات النجاح في النهايات، الرجوع إليه في البدايات.

25 من أشرقت بدايته أشرقت نهايته.

26 ما استودع في غيب السرائر، ظهر على شهادة الظواهر.

27 شتان بين ما يستدل به و ما يستدل عليه، و المستدل به عرف الحق لأهله فأثبت الأمر من وجود أصله، و الاستدلال عليه من عدم الوصول إليه، و إلا فمتى غاب حتى يستدل عليه، و متى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه.

28 لينفق ذو سعة من سعته،( الواصلون إليه)، و من قدر عليه رزقه، (السائرون إليه).

29 اهتدى الراحلون إليه بأنوار التوجه، و الواصلون لهم أنوار المواجهة، فالأولون للأنوار، و هؤلاء الأنوار لهم، لأنهم لله ، لا لشيء دونه، قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.

30 تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب.

31 الحق ليس محجوب، و إنما المحجوب أنت عن النظر إليه، إذ لو حجبه شيء لستره، ما حجبه، و لو كان له ساتر لكان لوجوده حاصر، و كل حاصر لشيء فهو له قاهر.. و هو القاهر فوق عباده.

32 اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك، لتكون لنداء الحق مجيبا، و من حضرته قريبا.

33 أصل كل معصية و غفلة الرضا عن النفس، و أصل كل طاعة و يقظة و عفة عدم الرضى منك عنها.

34 و لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه، فأي علم لعالم يرضى عن نفسه، و أي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه.

35 شعاع البصيرة يشهدك قربه منك، و عين البصيرة تشهدك عدمك لوجوده، و حق البصيرة يشهدك وجوده، لا عدمك و لا وجودك.

36 كان الله و لا شيء معه، و هو الآن على ما عليه كان.

37 لا تتعد نية همتك إلى غيره، فالكريم لا تتخطاه الآمال، و لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك، فكيف يرفع غيره ما كان هو له واضعا، من كان لا يستطيع أن يرفع حاجة عن نفسه فكيف يكون لها عن غيره رافعا.

38 إن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه، فحسن ظنك به لحسن معاملته معك، فهل عودك إلا إحسانا، و هل أسدى إليك إلا مننا.

39 العجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه، و يطلب ما لا بقاء معه، ( فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ).

40 لا ترحل من كون إلى كون، فتكون كحمار الرحى، يسير و المكان الذي ارتحل إليه هو المكان الذي ارتحل منه، و لكن ارحل من الأكوان إلى المكون، و أن إلى ربك المنتهى، و انظر إلى قوله صلى الله عليه و سلم: " فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه "، و افهم قوله صلى الله عليه و سلم، و تأمل هذا الأمر إن كنت ذا فهم.

41 لا تصحب من لا ينهضك حاله، و لا يدلك على الله مقاله، ربما كنت مسيئا فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالا منك.

42 ما قل عمل برز من قلب زاهد، و لا كثر عمل برز من قلب راغب.

43 حسن الأعمال نتائج الأحوال، و حسن الأحوال من التحق في مقامات الإنزال.

44 لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأن غفلتك من وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة، و من ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، و من ذكر مع وجود حظور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور، و ما ذلك على الله بعزيز.

45 من علامات موت القلب، عدم الحزن على ما فاتك من الموبقات، و ترك الندم على ما فعلته من الزلات.

46 لا يعظم الذنب عندك عظمة تصدك عن حسن الظن بالله، فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه.

47 لا صغيرة إذا قابلك عدله، و لا كبيرة إذا قابلك فضله.

48 لا عمل أرجى للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده و يحتقر عندك وجوده.

49 إنما أورد عليك الوارد لتكون به عليه واردا، و أورد عليك الوارد ليستسلمك من يد الأغيار و ليحررك من رق الآثار.

50 أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك.

51 الأنوار مطايا القلوب، و الأسرار و النور جند القلب، كما أن الظلمة جند النفس، فإذا أراد أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار و قطع عنه مدد الظلم و الأغيار.

52 النور له الكشف، و البصيرة لها الحكم، و القلب له الإقبال و الإدبار.

53 لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك، و افرح بها لأنها برزت من الله إليك، قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون.

54 قطع السائرين إليه و الواصلين إليه عن رؤية أعمالهم و شهود أحوالهم، أما السائرون فلأنهم لم يتحققوا الصدق مع الله فيها، و أما الواصلون فلأنه غيبهم بشهوده عنها.

55 ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع.

56 ما قادك شيء مثل الوهم.

57 أنت حر مما أنت عنه آيس، و عبد لما انت له طامع.

58 من لم يقبل على الله بملاطفات الإحسان قيد إليه بسلاسل الامتحان.

59 من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها و من شكرها فقد قيدها بعقالها.

60 خف من وجود إحسانه إليك و دوام إساءتك معه أن يكون ذلك استدراجا لك، سنستدرجهم من حيث لا يعلمون.

61 من جهل المريد أن يسيء الأدب فتتأخر العقوبة عنه، فيقول: لو كان هذا سوء أدب لقطع الإمداد و أوجب الإبعاد، فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر، و لو لم يكن إلا منع المزيد، و قد يقام مقام البعد و هو لا يدري، و لو لم يكن إلا أن يخليك و ما تريد.

62 إذا رأيت عبدا أقامه الله بوجود الأوراد، و أدامه عليها مع طول الإمداد، فلا تستحقرن ما منحه مولاه، لأنك لم تر عليه سيما العارفين و لا بهجة المحبين، فلولا وارد ما كان ورد.

63 قوم أقامهم الحق لخدمته، و قوم اختصهم بمحبته، كلا نمد، هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك، و ما كان عطاء ربك محظورا.

64 قلما تكون الواردات الإلهية إلا بغتة لئلا يديها العباد بوجود الاستعداد.

65 من رأيته مجيبا عن كل ما سئل، و معبرا عن كل ما شهد، و ذاكرا كل ما علم، فاستدل بذلك على وجود جهله.

66 إنما جعل الدار الآخرة محلا لجزاء عباده المؤمنين، لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم، و لأنه أجلّ أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها.

67 من وجد ثمرة عملها عاجلا فهو دليل على وجود القبول آجلا.

68 إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر في ماذا يقيمك.

69 متى رزقك الطاعة و الغنى به عنها، فاعلم أنه قد أسبغ عليك نعمه ظاهرة و باطنة، و خير ما تطلب منه ، ما هو طالبه منك.

70 الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامات الاغترار.

71 ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته، بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده، و انطوائه في شهوده.

72 الرجاء ما قارنه عمل، و إلا فهو أمنية.

73 مطلب العارفين من الله تعالى الصدق في العبودية، و القيام بحقوق الربوبية.

74 بسطك كي لا يقيمك في القبض، و قبضك كي لا يقيمك في البسط، و أخرجك عنهما كي لا تكون لشيء دونه.

75 العارفون إذا بسطوا أخوف منهم إذا قبضوا، و لا يقف على حدود الأدب في البسط إلا قليل.

76 البسط تأخد النفس منه حظها و القبض لا حظ للنفس فيه.

77 ربما أعطاك فمنعك، و ربما منعك فأعطاك، و متى فتح لك باب الفهم في المنع صار المنع عين العطاء.

78 الأكوان ظاهرها غرة، و باطنها عبرة، فالنفس تنظر إلى ظاهر غرتها، و القلب ينظر إلى باطن عبرتها.

79 إن أردت أن يكون لك عزا لا يفنى، فلا تستعزن بعز يفنى.

80 الطي الحقيقي أن تطوى مسافة الدنيا عنك حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك.

81 العطاء من الخلق حرمان و المنع من الله إحسان.

82 جل ربنا أن يعامله العبد نقدا فيجازيه نسيئة، كفى من جزائه إياك على الطاعة أن رضيك لها أهلا، و كفى العاملين جزاء ما هو فاتحه على قلوبهم في طاعته، و ما هو مورده عليهم من وجود مؤانسته.

83 من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه، فما قام بحق أوصافه، متى أعطاك أشهدك بره، و متى منعك أشهدك قهره، فهو في كل ذلك متعرّف إليك، و مقبل بوجود لطفه عليك، إنما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه.

84 ربما فتح لك باب الطاعة و ما يفتح لك باب القبول، و ربما قضى عليك الذنب فكان سببا في الوصول، فمعصية أورثت ذلا و افتقارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا.

85 نعمتان ما خرج موجود منهما، و لا بد لكل مكون منهما: نعمة الإيجاد و نعمة الإمداد، أنعم عليك أولا بالإيجاد، و ثانيا بتوالي الإمداد، ففاقتك لك ذاتية، و ورود الأسباب مذكرات لك بما خفي عليك منها، و الفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض، فخير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك، و ترد فيه إلى وجود ذاتك.

86 متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به، و متى أطلق لسانك بالطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك، و العارف لا يزول اضطراره و لا يكون مع غير الله قراره.

87 أنار الظواهر بأنوار آثاره، و أنار السرائر بأنوار أوصافه، لأجل ذلك أفلت أنوار الظواهر و لم تأفل أنوار السرائر، و لذلك قيل: إن شمــس النهــار تغــرب بليــــــل و شمــس القلـوب ليسـت تغيــب

88 ليخفف ألم البلاء عليك أنه تعالى هو المبتلي لك، فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الاختيار، و من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره.

89 لا يخاف عليك أن تلبس الطريق عليك، و إنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك.

90 سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية، و ظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية.

91 لا تطالب ربك بتأخر مطلبك، و لكن طالب نفسك بتأخر أدبك.

92 متى جعلك في الظاهر ممتثلا لأمره، و رزقك في الباطن الاستسلام لقهره، فقد أعظم المنة عليك.

93 ليس كل من ثبت تخصيصة كمل تخليصه ، لا يستحقر الورد إلا جهول، الوارد يوجد في الدار الآخرة، و الورد ينطوي بانطواء هذه الدار، و أولى ما يعتنى به ما لا يخلف وجوده، و الورد هو طالبه منك، و الوارد أنت تطلبه منه، و أين ما هو طالبه منك مما هو مطلبك منه،

94 ورود الإمداد بحسب الاستعداد، و شروق الأنوار على حسب صفاء الأسرار.

95 الغافل إذا أصبح ينظر ماذا يفعل، و العاقل إذا أصبح ينظر ماذا يفعل الله به.

96 إنما يستوحش العباد و الزهاد من كل شيء لغيبتهم عن الله في كل شيء، فلو شهدوه في كل شيء لم يستوحشوا من شيء.

97 أمرك في هذه الدار بالنظر إلى مكوناته، و سيكشف لك في تلك الدار عن كمال ذاته.

98 علم منك أنك لا تصبر عنه فأشهدك ما برز منه، لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات، و علم ما فيك من وجود الشره حجرها عليك في بعض الأوقات، ليكون همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة، فما كل مصل مقيم.

99 الصلاة محل المناجاة، و معدن المصفاة، تتسع فيها ميادين الأسرار، و تشرق فيها شوارق الأنوار، علم وجود الضعف منك فقلل أعدادها، و علم احتياجك إلى فضله فكثر إمدادها.

100 متى طلبت عوضا عن عمل طولبت بوجود الصدق فيه، و يكفي المريب وجود السلامة.

101 لا تطلب عوضا عن عمل لست له فاعلا، يكفي من الجزاء لك على العمل إن كان له قابلا.

102 إذا أراد أن يظهر فضله عليك خلق و نسب إليك، لا نهاية لمذامك إن أرجعك إليك، و لا تفرغ مدائحك إن أظهر جوده عليك، فكن بأوصاف ربوبيته متعلقا و بأوصاف عبوديتك متحققا.

103 منعك ألا تدعي ما ليس لك من المخلوقين، أفيبيح لك أن تدعي وصفه و هو رب العالمين.

104 كيف تخرق لك العوائد و أنت لم تخرق من نفسك العوائد.

105 ما الشأن وجود الطلب، و إنما الشأن أن ترزق حسن الأدب.

106 ما طلب لك شيء مثل الاضطرار، و لا أسرع بالمواهب لديك مثل الذلة و الافتقار.

107 لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك و محو دعاويك لن تصل إليه أبدا، و لكن إذا أراد أن يوصلك إليه غطى وصفك بوصفه و نعتك بنعته، فوصلك إليه بما منه إليك لا بما منك له.

108 لولا جميل ستره لم يكن عمل أهلا للقبول، أنت إلى حلمه إذا أطعته أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته.

109 الستر على قسمين: ستر عن المعصية و ستر فيها، فالعامة يطلبون من الله الستر فيها، خشية سقوط مرتبتهم عند الخلق، و الخاصة يطلبون الستر عنها خشية سقوطهم من نظر الملك الحق.

110 من أكرمك إنما أكرم فيك وجود ستره، فالحمد لمن سترك ليس الحمد لمن أكرمك و شكرك.

111 ما صحبك إلا من صحبك و هو بعيبك عليم، و ليس ذلك إلا مولاك الكريم.

112 خير من تصحب من يطلبك لا لشيء يعود منك إليه.

113 لو أشرق لك نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل إليها، و لرأيت محاسن الدنيا قد ظهرت كسفة الفناء عليها.

114 ما حجبك عن الله وجود موجود معه، إذ لا شيء معه، و لكن حجبك عنه توهم موجود معه.

115 لولا ظهوره في المكونات ما وقع عليها وجود الصفات، و لو ظهرت صفاته اضمحلت مكوناته.

116 أظهر كل شيء لأنه الباطن، و طوى وجود كل شيء لأنه الظاهر.

117 أباح لك أن تنظر إلى المكونات، و ما أذن لك أن تقف مع ذوات المكونات، قل انظروا ماذا في السماوات و الأرض، و لم يقل: انظروا السماوات و الأرض، لئلا يدلك على وجود الأجرام،

118 الأكوان ثابتة بإثباته و ممحوة بأحدية ذاته.

119 الناس يمدحونك بما يظنونه فيك، فكن أنت ذاما لنفسك لما تعلمه منها.

120 المؤمن إذا مدح استحيى من الله تعالى أن يثنى عليه بوصف لا يشهده من نفسه، و أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس.

121 إذا أطلق عليك الثناء و لست بأهل، فأثن عليه بما هو له أهل.

122 الزهاد إذا مدحوا انقبضوا لشهودهم الثناء من الخلق، و العارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحق.

123 متى كنت إذا أعطيت بسطك العطاء و إذا منعت قبضك المنع، فاستدل بذلك على ثبوت طفوليتك و عدم صدقك في عبوديتك.

124 إذا وقع منك ذنب فلا يكن موجبا ليأسك من حصول الاستقامة مع ربك، فقد يكون ذلك آخر ذنب قدر عليك.

125 إذا أردت أن يفتح لك باب الرجاء فاشهد ما منه لك، و إذا أردت أن يفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه.

126 ربما أفادك في ليل القبض ما لم تستفده في إشراق نهار البسط، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا.

127 مطالع الأنوار القلوب، و الأسرار نور مستودع في القلوب، مدده من النور الوارد من خزائن الغيوب.

128 نور يكشف لك به عن آثاره، و نور يكشف لك به عن أوصافه.

129 ربما وقفت القلوب مع الأنوار كما حجبت النفوس بكثائف الأغيار.

130 ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر إجلالا لها أن تبتذل بوجود الإظهار و أن ينادى عليها بلسان الاشتهار.

131 سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، و لم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه.

132 ربما أطلعك على غيب ملكوته و حجب عنك الاستشراف على أسرار العباد.

133 من اطلع على أسرار العباد و لم يتخلق بالرحمة الإلهية كان اطلاعه فتنة عليه، و سببا في جر الوبال عليه.

134 حظ النفس من المعصية ظاهر جلي، و حظها من الطاعة باطن خفي، و معالجة ما خفي صعب علاجه ،

135 ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الناس إليك ،

136 استشرافك أن يعلم الناس بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك ،

137 غيب نظر الخلق إليك بنظر الحق إليك، و غب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله إليك.

138 من عرف الحق شهده في كل شيء، و من فنى به غاب عن كل شيء، و من أحبه لم يؤثر عليه شيء.

139 إنما حجب الحق عنك لشدة قربه منك، و إنما احتجب لشدة ظهوره، و خفي عن الأبصار لشدة نوره.

140 لا يكن طلبك سببا للعطاء منه، فيقل فهمك عنه، و ليكن طلبك لإظهار العبودية و قياما بحقوق الربوبية ،

141 كيف يكون طلبك اللاحق سببا لعطائه السابق، جل حكم الأزل أن ينظاف إلى العلل .

142 عنايته فيك لا لشيء يريده منك، و أين كنت حين واجهتك عنايته و قابلتك رعايته .

143 لم يكن في أزله إخلاص أعمال و لا وجود أحوال، بل لم يكن هناك إلا محض الأفضال و عظيم النوال.

144 علم أن العباد يتشوفون إلى ظهور سر العناية، فقال : يختص برحمته من يشاء، و علم أنه لو خلاهم و ذلك لتركوا العمل اعتمادا على الأزل فقال: إن رحمة الله قريب من المحسنين .

145 إلى المشيئة يستند كل شيء، لأن وقوع ما لم يشأ الحق محال، و لا تستند هي إلى شيء، ربما دلهم الأدب على ترك الطلب، اعتمادا على قسمته، و اشتغالا بذكره عن مسألته، إنما يذكر من يجوز عليه الإغفال، و إنما ينبه من يمكن منه الإهمال.

146 ورود الفاقات أعياد المريدين .

147 العيد الوقت الذي يعود على الناس بالمسرة و السرور .

148 ربما وجدت في المزيد من الفاقات ما لم تجده في الصوم و الصلاة .

149 الفاقات بسط المواهب ، فإن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر و الفاقة لديك. إنما الصدقات للفقراء .

150 تحقق بأوصافك يمدك بوصفه، و تحقق بذلك يمدك بعزه، و تحقق بعجزك يمدك بقدرته، و تحقق بضعفك يمدك بحوله و قوته.

151 ربما رزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة،

152 من علامات إقامة الحق لك في الشيء إدامته إياك فيه مع حصول النتائج.

153 من عبر من بساط إحسانه أصمتته الإساءة، و من عبر من بساط إحسان الله لم يصمت إذا أساء.

154 تسبق أنوار الحكماء أقوالهم، فحيث صار التنوير وصل التعبير.

155 كل كلام يبرز و عليه كسوة القلب الذي برز منه .

156 من أذن له في التعبير فهمت في مسامع الخلق عبارته و جليت إليهم إشارته.

157 ربما برزت الحقائق مكشوفة الأنوار إذا لم يؤذن لها في الإظهار.

158 عباراتهم إما لفيضان وجد أو لقصد هداية مريد، فالأول حال السالكين، و الثاني حال أرباب المكنة و المحققين.

159 العبارة قوت لعائلة المستمعين و ليس لك إلا ما أنت له آكل.

160 ربما عبر عن المقام من أستشرف عليه، و ربما عبر عن المقام من وصل إليه، و ذلك يلتبس إلا على صاحب بصيرة.

161 لا ينبغي للسالك أن يعبر عن وارداته، فإن ذلك يقل عملها في قلبه و يمنعه وجود الصدق مع ربه.

162 لا تمدن يدك إلى الأخذ من الخلائق إلا أن ترى أن المعطي فيهم مولاك، فإن كنت كذلك فخذ ما يوافق العلم.

163 ربما استحيى العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكتفاء بمشيئته فكيف لا يستحيي أن يرفعها إلى خليقته.

164 إذا التبس عليك أمران فانظر أيهما أثقل على النفس فاتبعه، فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقا.

165 من علامة اتباع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات و التكاسل على القيام بالواجبات.

166 قيد الطاعات بأعيان الأوقات كي لا يمنعك عنها وجود التسويف، و وسع عليك الأوقات كي لا تبقى لك حصة الاختيار.

167 علم قلة نهوض العباد إلى معاملته فأوجب عليهم وجوب طاعته، فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب.

168 عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل.

169 أوجب عليك وجود خدمته، و ما أوجب عليك إلا دخول جنته .

170 من استغرب أن ينقذه الله من شهوته أو يخرجه من وجود غفلته فقد استعجز القدرة الإلهية، و كان الله على كل شيء مقتدرا.

171 ربما وردت الظلمة عليك ليعرفك قدر ما به عليك.

172 من لم يعرف قدر النعم بوجدانها عرفها بفقدانها.

173 لا تدهشك واردات النعم عن القيام بحقوق شكرك فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك.

174 تمكن الهوى من القلب هو الداء العضال.

175 لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق.

176 كما لا يحب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك، و القلب المشترك لا يقبل عليه

177 أنوار أذن لها في الوصول و أنوار أذن لها في الدخول.

178 ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوا بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت.

179 فرغ القلب من الأغيار تملأه بالمعارف و الأسرار.

180 لا تستبطئ من النوال و لكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال.

181 حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها و حقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها، إذ ما من وقت يرد إلا و لله عليك فيه حق جديد و أمر أكيد، فكيف تقضي فيه حق غيره و أنت لم تقض حق الله فيه.

182 ما فاتك من عمرك لا عوض له، و ما حصل لك منه لا قيمة له.

183 ما أحببت شيئا إلا كنت له عبدا و هو لا يحب أن تكون عبدا لغيره.

184 لا تنفعه طاعتك، و لا تضره معصيتك، فإنما أمرك بهذه و نهاك عن هذه لما يعود عليك.

185 لا يزيد في عزه إقبال من أقبل، و لا ينقص من عزه إدبار من أدبر.

186 وصولك إلى الله، وصولك إلى العلم به، و إلا فجل ربنا أن يتصل به بشيء أو يتصل هو بشيء.

187 قربك منه، أن تكون مشاهدا لقربه، و إلا فمن أين و وجود قربه.

188 الحقائق ترد في حال التجلي مجملة و بعد الوعي يكون البيان، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه.

189 متى وردت الواردات إليك، هدمت العوائد عليك، إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.

190 الوارد يأتي من حضرة قهار، لأجل ذلك لا يصادمه شيء إلا دمغه، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.

191 كيف يحتجب الحق بشيء، و الذي يحتجب به هو فيه ظاهر و موجود حاضر.

192 لا تيأس من قبول عمل لم تجد فيه وجود الحضور، فربما قبل من العمل ما لم تدرك ثمرته.

193 لا تزكين واردا لا تعلم ثمرته، فليس المراد من السحابة الأمطار، و إنما المراد منها وجود الأثمار.

194 لا تطلب بقاء الواردات بعد أن بسطت أنوارها و أودعت أسرارها، فلك في الله غنى عن كل شيء، و ليس يغنيك عنه شيء.

195 تطلعك إلى غيره دليل على عدم وجدانك له و استيحاشك لما سواه دليل إلى عدم وصلتك به.

196 النعيم و إن تنوعت مظاهره إنما هو بشهوده، و العذاب و إن تنوعت مظاهره إنما هو لوجود حجابه، فسبب العذاب وجود الحجاب، و إتمام النعيم بالنظر إلى وجه الله الكريم.

197 ما تجده القلوب من الهموم و الأحزان فلأجل ما منعت به من وجود العيان.

198 من تمام النعمة عليك أن يرزقك ما يكفيك و يمنعك ما يطغيك.

199 ليقل ما تفرح به يقل ما تحزن عليه، و إن أردت ألا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك.

200 إن رغبتك البدايات زهدتك النهايات، و إن دعاك إليها ظاهر نهاك عنها باطن، إنما جعلها محلا للأغيار و معدنا لوجود الأكدار تزهيدا لك فيها.

201 علم أنك لا تقبل النصح المجرد فذوقك من ذواقها ما يسهل عليك وجود فراقها.

202 العلم النافع هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه و ينكشف عن القلب قناعه.

203 خير علم ما كانت الخشية معه، فالعلم إن قارنته الخشية فلك و إلا فعليك.

204 متى آلمك عدم إقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك، فارجع إلى علم الله فيك، فإن كان يقنعك علم فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك من الأذى منهم، إنما أجرى الأذى على أيديهم كي لا تكون ساكنا إليهم، أن أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء.

205 إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده، جعله لك عدوا ليحوشك به إليه، و حرك عليك النفس لتديم إقبالك عليه.

206 من أثبت لنفسه تواضعا فهو المتكبر حقا، إذ ليس التواضع إلا عن رفعة، فمتى أثبتت لنفسك تواضعا فأنت المتكبر، إذ ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع و لكن المتواضع هو الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع.

207 التواضع الحقيقي هو الناشئ عن شهود عظمته ، و تجلي صفته.

208 لا يخرجك عن الوصف إلا شهود الوصف، المؤمن يشغله الشاغل لله عن أن يكون لنفسه شاكرا، و تشغله حقوق الله عن أن يكون لحظوظه ذاكرا.

209 ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا، أو يطلب منه غرضا، فإن المحب من يبذل لك، ليس المحب من تبذل له.

210 لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين.

211 لا مسافة بينك و بينه حتى تطويها رحلتك، و لا قطيعة بينك و بينه حتى تمحوها وصلتك.

212 جعلك في العالم المتوسط بين ملكه و ملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته، و أنك جوهرة تنكوي عليك أصداف مكوناته، وسعك الكون من حيث جثمانيتك، و لم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك.

213 الكائن في الكون، و لم يفتح له ميادين الغيوب مسجون بمحيطاته، و محصور في هيكل ذاته.

214 أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون، فإذا شهدته كانت الأكوان معك.

215 لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية، إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار، ظهرت في الأفق و ليست منه،

216 تارة تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك، و تارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك، فالنهار ليس منك إليه، و لكنه وارد عليك.

217 دل بوجود آثاره على وجود أسمائه، و بوجود أسمائه على ثبوت أوصافه، و بوجود أوصافه على وجود ذاته، إذ محال أن يقوم الوصف بنفسه، فأرباب الجذب يكشف لهم عن كمال ذاته ثم يردهم إلى شهود صفاته، ثم يرجعهم إلى التعلق بأسمائه ثم يردهم إلى شهود آثاره، و السالكون على عكس هذا، فنهاية السالكين بداية المجذوبين، و بداية المجذوبين نهاية السالكين، فإن مراد السالكين شهود الأشياء لله، و مراد المجذوبين شهادة الأشياء بالله، و السالكون عاملون على تحقيق الفناء و المحو، و المجذوبون مسلوك بهم طريق البقاء و الصحو، لكن لا بمعنى واحد، فربما التقيا في الطريق هذا في ترقية و هذا في تدلية.

218 لا يعلم قدر أنوار القلوب و الأسرار إلا في غيب الملكوت، كما لا تظهر أنوار السماء إلا في شهادة الملك.

219 وجد أن ثمرات الطاعات عاجلا بشائر العاملين بوجود الجزاء عليه آجلا.

220 كيف تطلب العوض عن عمل هو متصدق به عليك، أم كيف تطلب الجزاء عن صدق هو مهديه إليك.

221 قوم تسبق أنوارهم أذكارهم، و قوم تسبق أذكارهم أنوارهم، و قوم تتساوى أذكارهم و أنوارهم، و قوم لآ أذكار و لا أنوار نعوذ بالله من ذلك.

222 ذاكر ذكر ليستنير قلبه، فكان ذاكرا، و ذاكر استنار قلبه فكان ذاكرا، و الذي استوت أنواره و أذكاره فبذكره يهتدى و بنوره يقتدى.

223 ما كان ظاهر ذكر إلا عن باطن شهود و فكر، أشهدك من قبل أن استشهدك فنطقت بألوهيته الظواهر و تحققت بأحديته القلوب و السرائر.

224 أكرمك ثلاث كرامات، جعلك ذاكرا له، و لولا فضله لم تكن أهلا لجريان ذكره عليك، و جعلك مذكورا به إذ حقق نسبته لديك، و جعلك مذكورا عنده ليتم نعمته عليك.

225 رب عمر اتسعت آماده و قلت أمداده، و رب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده، فمن بورك له في عمره أدرك في يسير من الزمن من منن الله تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة و لا تلحقه الإشارة.

226 الخذلان كل الخذلان، أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه إليه، و تقل عوائقك ثم لا ترحل إليه.

227 الفكرة سير القلوب في ميادين الأغيار، و الفكرة سراج القلب، فإذا ذهبت فلا إضاءة له.

228 الفكرة فكرتان، فكرة تصديق و إيمان و فكرة شهود و عيان، فالأولى لأرباب الاعتبار و الثانية لأرباب الشهود و الاستبصار.

229 ما هو القرين