ما الشأن وجود الطلب، و إنما الشأن أن ترزق حسن الأدب.

   قلـت: قد سبق في أول الكتاب أن الطلب كله مدخول عند المحققين أولي الألباب لما يقتضيه من وجود النفس، و الوقوف مع الحس، إذ العارف المحقق لم تبق له حاجة يطلبها، لأنه قد حصل له الغنى الأكبر، و فاز من مولاه بالحظ الأوفر، و هو معرفة مولاه و الغيبة عما سواه، ماذا فقد من وجدك؟ فليس الشأن وجود صورة الطلب، و إنما الشأن أن تستغني به عن كل مطلب، و ترزق معه حسن الأدب و الاكتفاء بعلم الله و الوقوف مع مراد الله،

   قال الشيخ زروق رضي الله عنه: و الأدب على ثلاثة أوجه: آداب الظاهـر، و ذلك بإقامة الحقوق، و آداب في الباطـن بالإعراض عن كل مخلوق، و آداب فيهما بالانحياش للحق و الدوام بين يديه على بساط الصدق و ذلك هو جملة الأمر و تفصيله و تفريعه و تأصيله /.
   فالطلب بلسان العارفين ليس هو بلسان المقام، و إنما هو بلسان الحال، و هو الاضطرار و ظهور الذلة و الافتقار كما نبه إليه بقولــه:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire