لا تطالب ربك بتأخر مطلبك، و لكن طالب نفسك بتأخر أدبك.
قلــت: هذه القاعدة عامة و إن كانت مناسبتها خاصة، فإذا طلبت شيئا و تأخر ظهور ذلك المطلب، فإنما ذلك لما فاتك من حسن الأدب، و لو لم يكن إلا قصد خصوص ذلك الطلب، فلا تطالب ربك أن يعجل مطلبك بسبب تأخره عنك، و لكن طالب نفسك بتأخر أدبك، فلو أحسنت الأدب في الطلب لقضيت حاجتك معنـىً، و إن لم تقض حسّاً، و حســن الأدب هنا هو اكتفاؤك بعلمه و رضاك بحكمه، و اعتمادك على ما اختاره لك دون ما اخترته لنفسك لقلة علمك، فقد ضمن لك الإجابة فيما يريد، لا فيما تريـد، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد، و لله در القائل:
و كم رمت أمر أخرت لي في انصرافه |
فلا زلت لي مني أبر و أرحما |
عزمت على ألا أحس بخاطر |
على القلب إلا كنت أنت المقدما |
و ألا تراني عند ما قد نهيتني |
لأنك في نفسي كبيرا معظما |
و قال كعب بن منبـه رضي الله عنه: قرأت في بعض الكتب، يا ابن آدم، أطعني فيما أمرتك، و لا تعلمني بما يصلحك، إني عالم بخلقي، إنما أكرم من أكرمني، و أهين من هان عليه أمري، و لست بناظر في حق عبدي حتى بنظر عبدي في حقي..
0 Commentaire(s)