إذا أردت أن يفتح لك باب الرجاء فاشهد ما منه لك، و إذا أردت أن يفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه.

   قلـت: إذا أردت أيها الإنسان أن يتقوى رجاؤك في الكريم المنان، فاشهد ما منه إليك من الإحسان و اللطف و المبرة و الامتنان، فهل عودك إلا إحسانا، و هل أسدى إليك إلا مننا، عليك بسط مننه و لك هيأ جنته، أنعم عليك في هذه الدار بغاية الإنعام، و ما قنع لك بذلك حتى هيأ لك دار السلام، باقية مستمرة على الدوام، ثم أتحفك بالنظر إلى وجهه الكريم، تماما على سابق إحسانه القديم..

   و إذا أردت أن يفتح لك باب الحزن و الخوف، فاشهد ما منك إليه من الإساءة و التقصير في العبادة، أي من موافقة الشهوة و الاسترسال مع الغفلة، فإنك إن شهدت ذلك دام حزنك، و قوي خوفك، و ربما كان ذلك سببا في سوء ظنك بربك فتزل قدم بعد ثبوتها..

و في الحديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و جاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون، فيغفر لهم و هو الغفور الرحيم" فدل الحديث على أن شهود الكرم أفضل عند الله من شهود الانتقام..

و خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير، حسن الظن بالله و حسن الظن بعباد الله، و خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر، سوء الظن بالله و سوء الظن بعباد الله كما في الحديث، وبقيت مرتبة ثالثة، و هي الغيبة عن الرجاء و الخوف بشهود ما من الله إلى الله، و هو مقام أهل الشهود، فلذلك اعتدل أمرهم في جميع الأحوال، نفعنا الله بذكرهم آمين..

ثم إن ثمرة الرجاء و نتيجة البسط و ثمرة الخوف و نتيجة القبض، فلذلك ذكره بعدها فقال:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire