ب- الطعام الضار (الخبيث) الحرام :

هي كذلك مواد غذائية، لكن تشوبها شائبة، سواء في أصلها كبعض الأصناف الحيوانية، أو طرأت عليها بفعل مضاف، أخل بنفعها وأثبت فيها الضرر، فحرمت لذلك.. أو نباتية، ولو أن أصل كل ما تنبت الأرض حلالا طيبا، لكن إذا شابته شائبة سلوكية، فإن نفعها يلغى طبيعيا ولا يبقى فيها إلا الضرر لمن يعنيه أمر ذلك السلوك وهذا ما هو معلوم وواضح في أبواب فقه الأطعمة..

فالحق سبحانه وتعالى إذا قال: وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ.. فأول ما يستفاد من البلاغ الرباني أن النفع كل النفع في الطيبات والضرر كل الضر في الخبائث.. أو بعبارة أخرى: أن الحق سبحانه وتعالى ما أحلّ شيئا إلا لنفعه المطلق، وما حرّم شيئا إلا لضرره المحقق... أو الحلال عنوان للطيب، والطيب وصف للحلال، والحرام عنوان للخبيث والخبيث وصف كامل وشامل للحرام... .

فما يكون للمتدبر في القرآن ألا يبحث في سر الحلال ونفع الطيبات، ولا في سر الحرام وضرر الخبائث.. فإذا أحللنا الكلمات المقصودة فإنه ينكشف النور ويظهر سر الغفور الشكور، للباحثين بالنية والتصديق أو للمصريين على البحث والتحقيق..

فالكلمة القرآنية: وَ يـُحِـلُّ.. تبين مقصد النفع من الحلال.. و كذلك كلمة: وَ يُـحـَرِّم... أما كلمتي: ٱلطَّيِّبَٰتِ.. و: ٱلۡخَبَٰٓئِثَ.. فإنهما يبينان على منهج النفع ومسراه في البدن، أو مجرى ضرر الخبيث وكيف يؤثر على السير الطبيعي ومسيره في الضرر والإضرار، وهو كما يلي في كلمة وَ يـُحِـلُّ :

الواو: وإن لم تكن من الكلمة لكنها تدل على التمسك بالأمر فيه، وتدل على الموت في الحياة، والمعنى أن فرصة الحلال لا تعوض.. أما الكلمة فلها من انوار الحروف:

ي: لها الخوف من الله (ومعناها انها تقوي القلب وتحميه من الخوف مل أي شيء وقد سبق الكلام على الخوف والهرمونات التي يفرزها الحقل وكيف تتحول إلى متعة).

ح: ولها من الأنوار الرحمة، والمقصود ان انوار القلب تصل إلى غاياتها في العقل وفي سائر الأعضاء الظاهرة والباطنة، فيوصل القلب ما انطوى عليه من الأحاسيس البناءة فينتفع صاحبه وينتفع معه غيره..

ل: ولها العلم الكامل، والمقصود به أن العقل إذا رصن مع سكون القلب والأعضاء إذا سقيت... فإن أبواب العلم النافع تسكب على صاحبها سكبا وتفتح له الأبواب على قدر ما تطيقه ذاته..

أما كلمة: ٱلطَّيِّبَٰتِ.. فإنها تؤصل للمواد النافعة ومددها التخصصي أو تأثيرها الإيجابي على الأعضاء المتلقية.. وانا أكرر: وإن كانت هذه الأبحاث صحيحة وسليمة في منطلقها وفي مقصدها، فإنه أكيد أنه سوف يعتريها بعض الخلل في التشخيض التخصصي للمواد ومركباتها وما ينجم عنها من تأثير ظاهري وباطني حسب ما أسفرت عنه التجارب العلمية أو ما ستسفر عنه عبر الأزمان والأوطان، ولكني تعمدت الخوض في الموضوع كي أفتح للباحثين منهجا لا بد أن يتحمله أحد، فإن لم أصب في اجتهادي أجران فإني لا أعدم في خطأي واحدا... .

أما انوار ٱلطَّيِّبَٰتِ.. فهي المواد التي لها النفع على مَواطن الأنوار في الذات.. وبما أن لها ستة أنوار حسب حروفها فيجب أن تعالج وتقوّم ست مراكز في الجسد، كل لها أهميتها حسب وظائفها وهي كما يلي:

الألف: وله الامتثال، وله من مراكز القرار في العقل، والعقل له مناطقه، ولكل منطقة خصائصها... فالمقصود بالألف كل ما يمكن أن يغذي الجهاز العصبي والعقل في مكوناته، ويحقق له الأهلية في التحليل الطبيعي وأخذ القرارات المناسبة... وهذا يعني كل الأطعمة التي تتوفر على هذه الخصائص، كمثلا في الفيتامينات مادة التيامين (ب B1) أو مادة نيكوتيناميد (بB3) أو المواد التي تحتوي على الحامض الفوليك (بB9)... أو في المعادن مثلا المنغنزيوم... هذا الذي أذكره هو على خبرتي البسيطة في التغذية وللعلماء الفصل في تشخيص المواد النافعة...

اللام: وله العلم الكامل، ومقره القلب (وقد سبق توضيح ذلك سابقا) وله من المواد المغذية ما يحتوي مثلا على فيتامينات كنيكوتينامين (بB3) الذي يعين على نقل الأكسجين إلى الدم أو البيريدوكسين (بB6) الذي يعين على تكوين الكريات الحمراء... فافهم..

الطاء: ولها من الأنوار الطهارة، ولها من الأجهزة كل ما يمكن أن يحافظ على عملية الأعضاء الظاهرة أو الباطنة أو مكوناتها، ويمكن أن تنفع من المواد الغذائية من تحتوي مثلا على معادن كالسيلينيوم والباوتاسيوم... ومن الفيتامينات كفيتامين الريتينون (أ A ) وفيتامين سC (الحامض الأسكوربيك...

الياء، ولها من الأنوار الخوف من الله تعالى: ومقرة القلب وقد الإشارة إلى ذلك وتنفعه من المواد ما سبق ذكره للقلب، ويكون التخصص حسب الحاجة ومراقبة تركيبها في المواد المغذية (فما أنبت الله شيئا في الأرض إلا وله خاصية في الإنسان أو محيطه يحتاجها من قريب أو بعيد، وكما يقال: كل عشبة نابتة إلا فيها حكمة ثابتة)..

الباء، لها من الأنوار سكون الروح في الذات سكون المحبة والرضا والقبول، وله من المقرات انسجام القلب مع مهام العقل، وربما تنتفع في ذلك الغدد (وأمور أخرى يعرفها المتخصصون) كالحامض الفوليك مثلا في الفيتامينات الذي يعتني بالحمض النووي أو النووي الريبي أو البيوتين الذي يعتني بالاستقلاب... أو في المعادن كذلك بما له خصائص مماثلة...

بقي من الحروف التاء، ولها من الأنوار كمال الحواس الظاهرة، ولها مما يساهم في تقويمها كل ما له علاقة بالاستقلاب ونظام الأنسجة العضلية والعصبية كذلك (وقد تقدم الكلام على هذا النور في باب الطب النفسي )... .

هكذا يكون قد اعطيت مثالا للاقتداء بمنهجه في البحث وتصحيح ما يمكن تصحيحه أو تقويمه من لدن الأخصيائيين، وإن كان البحث عميقا بما يجب أن تسخر له سنين طويلة وطاقات واعدة بإرادات صادقة، فإن هذا ما أصبح من عزائم امور المسلمين سواء من العلماء أو الحكام.. والله لا يضيع أجر من أحسن عملا...

أما الشق الثاني من الأطعمة المحرمة من قوله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ..

فالتحريم هو نقيض ما سبق في التحليل، وأنوار التحريم المنطفئة تعيق متلازمات الحروف الواردة فيه: َيُحَرِّمُ.. فهي تعوق مؤهلات هذه الأنوار الثابتة في الكلمة:

فبالياء في يحرم: يزلزل نور الخوف من الله في العبد بإدخال الدخيل على وظيفة مهام القلب..

وبالحاء: تبدأ منابع الرحمة تجف بجفاف منابعه من القلب وبالمرض الذي اعتراه..

وبالراء: تضعف ملكة حسن التجاوز في الأفعال وقراراتها والأحوال وإحساساتها...

وبالميم يقل النفع في العبد لنفسه ولمحيطه، ويصبح عاريا مما خلق له، بل ويصير متطفلا كالجرثوم ضرره ثابت ونفعه معدوم..

أما ٱلۡخَبَٰٓئِثَ.. فهي عنوان لكل مادة محرمة من شأنها أن تخل بوظائف الأعضاء الظاهرة والباطنة التي لها علاقة بهذه الأنوار الستة المنكوسة المذكورة في الكلمة المقصودة: ٱلۡخَبَٰٓئِثَ..

فكل ما هو محرم شرعا بنص قرآني أو بصريح حديث، فإنه مخل بخصائص هذه الأنوار في الإنسان وفاتح لنقيضاتها عليه.. وإني أتمنى على الباحثين الجادين سواء من المسلمين او غيرهم.. أن يبحثوا في الأطعمة المحرمة بالنص القرآني (كابتداء).. وبطريقة تخدم المرضى كما تخدم الأصحاء.. ان يبحثوا فيمن لا يعيرون اهتماما للحلال والحرام في مطعمهم وثقافاتهم .. أن يُجروا على المرضى تجارب في هذه الأنوار.. فإنهم سيجدون في كل ما تم تحريمه بنص قطعي يفيد التحريم فإنه ناسف لكل الأنوار (الستة) جملة واحدة، وهي كما يلي:

الألف وعكسها عصيان أمر الله.. وأصل النور هو امتثال أمر الله تعالى..

اللام ونقيضها الجهل الكامل بالشرائع والحقائق.. وحقيقة النور هو العلم الكامل..

الخاء وظلمتها جهل الأنوار وفقدان حاستها التذوقية.. وأصل النور هو الذوق للأنوار..

الباء وعكسها في النور: معارضة النفس للروح باتباع الشهوات والوقوع في الشبهات.. أما نور الأصل فهو سكون الروح في الذات سكون المحبة والرضا والقبول..

الياء، ولها من الأكدار عدم الخوف من الله وعدم إعارته أي اهتمام.. اما أصل النور فهو الخوف التام من الله تعالى..

الثاء: ولها من الأكدار: الشطط والظلم وعدم الإنصاف.. اما النور فهو الإنصاف..

فإذا أردنا ان نعمق البحث من الناحية العلمية فإننا نجد مكونات في المأكل أو المشرب فيها معوقات للعضو المتعلق بالنور أو الناطق بخاصيته... وجاءت في صيغ التحريم باللغة النورانية على أوجه متعددة، يجب أن تعتبر مواقعها ومواضعها ومدلولاتها النورانية، وقد ورد ذلك في كتاب الله بما يمهد للبحث العلمي طريقا واضحا للتحقيق والتدقيق..

قال تعالى: حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ...

هذه الآية (ومثلها كثر) إن شئت قلت عنها : سلسلة من الأطعمة المحرمة، لها منهج متجانس في الضرر، وعليه حرمت، وهي المذكورة في نص الآية، وكلها تتعلق بما فيه ضرر من اللحوم، وصل ضرره الحقيقي إلى التأثير على بعض وظائف الأعضاء التي يرجع لها الأمر في إفساد صحة العبد أو التأثير على سلوكه وهي: الميتة والدم ولحم الخنزير... (الآية)..

ومن تأمل هذه الآية العظيمة يجد أنها جمعت من تجانس المحرم طيف كبير، وكله متعلق بالتذكية (الذبح) إلا نوع صنفين من الحيوانات: الخنزير (وهو محرم لذته.. وما أهل لغير الله به.. وسنشرح ذلك بإيجاز)..

أما الأصناف التي طبيعتها الحل، كالبقر والغنم... وأصناف الطير... فيجب تذكيتها بطريقة شرعية، ووجع التحريم يقتضي بابين:

الأول: هو إخراج الدم كلية من جسد الحيوان أو الطير بطريقة نهائية (ولم تثبت طريقة تخرج الدم كله بأرحم الطرق للحيوان، إلا بالطريقة التي سنها الرسول الكريم، في قطع الودجين والحلقوم) والطريقة علمية معروفة، ولو تماحك حولها بعض المتطفلين على رحمة الحيوان في الغرب... وقد ثبت للباحثين في الإعجاز أن بينوا امورا عجيبة في الفرق بين لحم المذكى وغيره (فلا نطيل فيما هو معلوم)، إذن العلة الأولى هي الدم، وذكر في الآية: حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ...

الثاني: طريقة التذكية العقدية، وهي ذكر اسم الله عليه... وهذا إن دل على شيء فإنما يدل أن على كل الأعمال والأحوال مرتبطة بالعمل المادي كما هي متعلقة بالعمل المعنوي، وهما على النفع والضرر بالسواء.. فإخراج الدم كلية من الذبيحة عمل مادي، وقبله التوجه إلى الله بالذبيحة، عمل عقدي وإيماني.. وبينهما عنصر مشترك هو الدم..

فعلة التحريم في الآية المذكورة على وجهين في الدم:

الأول: هي طبيعة مكونات الدم، وهي مادة كيميائية معقدة التركيب مثقلة التكوين، لا تنفع في غير ما خلقها الله له، وجعل لها قنوات مخصصة، بصناعة متقنة تليق بها ومؤهلة لحمايتها، وبرمجة لا يحيط بكل أسرارها إلا الذي خلقها وكونها وسخرها لهذا المخلوق الرباني الذي يحمل روحا سواء كان إنسانا او حيوانا او طيرا.. وفي كل سر، ولكل تكوين... .

فهذا الدم هو أداة لحمل الغذاء والدواء لسائر أعضاء الجسد، وأمور أخرى عرف منها الطب عبر القرون شيئا وسيعرف منها كلما ارتقت بالإنسان الأبحاث وصدق فيه... فالدم وسيلة تحمل الأغذية وليس غذاء في حد ذاته، تماما كالآلة الإلكترونية المعقدة التي تحمل الغذاء... فلا يعقل أن تُأكل الآلة، وإنما الذي يؤكل هو الغذاء التي تحمله الآلة (هذا تقريب للفهم حتى نخلص من هذا الباب).. إذن الدم حرام بالشرع والعقل والعلم والتجربة...

الوجه الثاني: الدم محرم على المكلفين من الإنس، وكل من يتناوله من الحيوانات (الحيوانات الجارحة كالسباع... ) فإنه كذلك يحيلها على التحريم بفعل ذلك، والعلة هي انتقال الدم إليها مع اللحم... لكن في الدم وجه آخر قليل ما يتنبه إليه الباحثون في العلوم المادية أو الدين بالتدقيق والتحقيق (وهو وجه وضعت عليه هالة من السرية لحكمة يريدها الله) وهي: "ذكر اسم الله على الذبيحة"..

قال تعالى: وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ.. والمقصود بما لم يذكر اسم الله عليه هي الذبائح، ويدخل فيها كذلك كل أكل حتى لو كان نباتيا أن يذكر اسم الله عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَكَلَ أَحَدكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّه.. فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّله فَلْيَقُلْ : بِسْمِ اللَّه فِي أَوَّله وَآخِره"...

أما في التذكية (الذبح) فإنه يجب ان يقصد بها وجه الله ويذكر عليها اسم الله، والوارد في ذلك أن يقول: بسم الله والله أكبر.. اللهم إنه منك وإليك... (والمقصود أن يعترف لله بأصل النعمة ويعترف له بالقصد فيها) وهناك أدعية أخرى حسب المذاهب كلها نافعة للقصد الذي شرعت له التسمية: وهو أن الدم مادة مطلوبة لعوالم الجن.. وكلما أريقت قطرة دم في الشرق أو الغرب إلا هرعوا إليها ونالوا منها ما يلائم طبعهم... فإذا ذكر اسم الله على الذبيحة فإنها تحرم على الشيطان ولا يجد لها منفذا.. وهذا هو المقصود.. لأن بنية الشيطان مركبة من أخبث المكونات الموجودة في الكون (كأن تقول أخبث الفيروسات والجراثيم والمكروبات...).. فإذا لمس الدم أو اللحم لوثه تلويثا يستحيل تنظيفه، وإن أكله الإنسان انتقلت إليه العدوى من الجراثيم الشيطانية فتضر جسده وتحبط جهازه العصبي وتنال من قلبه وإحساسه.. وهذه علة التحريم في ذلك.. وفي ذلك كلام طويل وملتبس على كثير من الناس، واختصاره أن الذبيحة إذا ذكر عليها اسم الله منعت من الشيطان وحلت للإنسان بسلامة مكوناتها..

اما الذبح المحرم هو الذي ذكر عليه اسم غير اسم الله، وهو دخول مباشر في السحر وعبادة الشيطان، ويدخل في ذلك الحكم من كان معتقده عليه كمن ينكر الدين ولا يعترف بفضل رب العالمين كالملحدين مثلا، والسحرة الذين يتقربون إلى الشياطين بذلك، ولهم طقوس معينة كلها تدخل في أبواب السحر..

وكما ألحق بتحريم الدم لذته الضارة، تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، كذلك وضح العليم الحكيم: "ما ذبح على النصب" والمقصود به نصبا وضعت بعمد وتخصص لخدمة الشيطان وتخرين ما بنته شرائع وحقائق الرحمن، ولما سبحانه وتعالى الكلمة فهي تدل على الأنوار المنكرة فيها والأضرار المترتبة عليها، ومعناها في حروفها وهي إن شئت قلت أركانها الخمسة وهي كما يلي:

الألف لعصيان أمر الله.. واللام للجهل الكامل.. والنون للفرح بالشيطان.. والصاد لعدم اعتماد ضوابط العقل .. والباء لاتباع اهواء النفس في كل الشهوات والشبهات...

فكل ذبيحة قصدت بها هذه الأكدار على حساب الأنوار التي خلقها الله من أجلها تعد ذبحت على النصب، وقد أصبحت في أيامنا المعلومة متاحة للتعرف على ذلك في أفريقيا أو آسيا وغير ذلك من الدول، أما السحرة والمتخصصين في ذلك فإنهم يفعلون لذلك طقوسا في ظل عن الأنظار كما يفعل عند اليهود وفي بعض الدول الغربية خصوصا في بعض الأسر وبعض الأوساط، فإنه يصل الحال بهم إلى قتل بعض الأشخاص تقربا بذلك إلى الشيطان... وهذا يعرفه المتخصصون والخبراء من أمة الرحمة الربانية.. فلا يعبث بعض المفتين في بلاد الإسلام في هذا الباب ما ليس لهم به علم ليفتنوا وينفتنوا، ويضيقوا على المسلمين أمورا هم أكبر الجاهلين بها...

اما إذا ذكر اسم الله بأي صيغة كانت فإن الذبيعة تمنع عن الشيطان ولا يتأذى اللحم بما سبق ذكره (وعبيد الله، أتحمل ما أقوله لأنه نتاج رأي العين وبحث وخبرة، وليس اجتهادا على المزاج أو على الهوى)...

ولعلي أرى أن التطرق إلى مثل هذه الأمور يلزمها تفصيل علمي مبني على أصول في الكتاب والسنة، فربما أتطرق له في باب منفرد خلال هذا البحث البسيط لعله ينفع الناس وخصوصا من اوقفهم الله في مراكز الفتوى أو الوعظ والإرشاد لعل الله ييسر على أيديهم نفع المسلمين ودعوى إلى الله بطرق تليق بعلم الله العظيم ورسالة نبيه المصطفى الكريم...

أما إذا رجعنا إلى المقصد الرباني من هذا النهي أو هذا التحريم، وبيان نوع الضرر الحاصل منه، فهو ما بينه العليم صراحة في نفس الآية العظيمة قال تعالى: ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ...

الفسق في اللغة هو الخروج من الطاعة والمروق منها، وجاء الكلمة في القرآن على جذور كل منها يحمل من الظلمات ما حوته الكلمات، أما هنا فجاء فأول بدايات المروق، وهي بداية إدخال العلل على الأعضاء تتولى فيها القرار وهي كما يلي:

الفاء: ولها من الأنوار الحمل للعلوم، وعكس نورها الخيانة فيه، ومعناه أن أول من يأكل هذا النوع من المحرمات المذكورة فأول نور ينتكس فيه هو هذا، ويبقى بين الحيل والمكر في العلم فيتدرج إلى الظلمة التالية:

السين: وله من الأنوار خفظ جناح الذل، وله من الظلمات التجبر والتكبر على الناس بدل خفظ الجناح لهم لأنه أمر من الله قال تعالى: وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ.. ومن سقط في الظلمة الثانية بعد الأولى يصل إلى الثالثة:

القاف: وله من الأنوار البصيرة، وظلمته الطمس والغرور والطيش...

فإذا أردنا أن نحللها علميا، فلنقل أن النور الأول له علاقة بالقلب الذي يحمل العلم، ومعناه أن في الدم وفي الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها وما قصد بها غير الله، أنها تحمل من الملوثات ما يؤثر سلبا على سلوك القلب فيقسيه ويفقد فيه خاصية الأمانة العلمية ويفتح له أبوابا تعوق هذا النور وما يلزمه..

فينتقل الملوث الحقيقي من القلب إلى العقل فيؤثر عليه بسلبية تجعله يفرز هرمونات أو تخرب عليه قنوات التواصل العصبية فيطغي عليه الكِبر وكراهية الناس وامتيازه عليهم، ثم الدخول في دوامة الذكاء والدهاء الشيطاني...

وقد سبق أن ذكرنا سابقا ان بعض الباحثين توصلوا إلى معرفة وجود بعض الملوثات التي ترى بالمجهر في اللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه، حتى في أبسط الذبائح كالدجاج، والنتائج موجودة على النت، وقد حضر البحث جماعة من المتخصصين الأجانب وألفت أكثر من كتاب في الموضوع... ومن هنا نقول للباحثين في علم التغذية.. أن البحث في هذه الأمور من عزائم الأمور، ويجب أن يخصص ويبلغ مداه في معرفة نوع الفيروسات وضبط الملوثات سواء في كريات الدم الحمراء المتبقية في اللحم الحرام أو في النسيج نفسه، ويعرف ما مدى تأثيرها على ما ذكر من الأنوار، حتى يجاب على الذين يعلون أصواتهم على مجموعة الباحثين في الإعجاز الديني بجميع أنواعه، وحتى يطمئن هؤلاء الذين يقل فهمهم بخفايا الأمور الربانية ويقولون أنه ربما تظهر أبحاث أخرى تناقض ما قيل عن مادة الإعجاز، فيكرهون الخوض في هذا النوع من الأبحاث... وحتى بالنسبة للباحثين الاجتماعيين، ولجميع من يعنيه أمر الأمة، برّها وفاجرها، فإن في الأمر مستقبل أجيال ومصير دول وأمم.. وفي هذا فليتنافس المتنافسون...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire