3) الأعناب:

وهي جمع عنب، وهو نفسه جمع لمفرده عنبة (حبة عنب).. وقد نهى الرسول الكريم عن تسميتها كروم، ومما يدلك على أن التسمية في القرآن هي زيادة على مسمى بنوعه فإنها تدل على أنواره وأسراره، فإن الكلمة وردت في كتاب الله تسع مرات ثبتت ألفها (أَعۡنَابٖ) في موضعين وحذفت في سبع مواضع الباقية (أَعۡنَٰبٖ)... .

ومما لا شك فيه أن هذا العنب المستنبت في وقتنا هو تطوير للعنب الأصل البري الذي كان يوجد في الحوافي النهرية والغابات (ويسمى المعلق) خصوصا في حوض البحر الأبيض المتوسط باستثناء شمال إفريقيا، وكان هذا النوع موجودا في العهد الرباعي (l'ère Quaternaire) وهي المرحلة الجيولوجية الثالثة وتتميز بالتجمد.. الذي يقدر بحوالي 1.5 و2.6 مليون سنة قبل وقتنا الحالي.. وظهرت بعد العهد المتجمد في مواقع من المتوسط... ووضحت الأحافير المكتشفة لبذور العنب وأوراقه منذ عصور ما قبل التاريخ، وهذا دليل على انه كان غذاء للإنسان..

ووجدت أقدم اعناب الخمر في جيورجيا والقوقاز قبل 8000 ق م، وفي القوقاز و بلاد ما بين النهرين قبل 6000 ق.م.، وفي مصر وعند الفنيقيين قبل 3000 ق م ، و 2000 ق م في اليونان القديمة، وقبل 1000 سنة ق. م. في روما وسيسيليا ومن هنا انتقلت إلى شمال إفريقيا، وكذلك إلى فرنسا والبرتغال وفرنسا... .

أما فوائد العنب، فهي كثيرة ومتعددة، وله قيمة غذائية ودوائية متميزة، حيث يحتوي بجميع أشكاله وانواعه على على نسبة جيدة من المواد السكرية سريعة الامتصاص وسهلة الهضم حيث يتركز سكر الجلوكوز وسكر الفركتوز بشكل كبير، ويتميز كذلك بغنائه بالفيتامينات مثل فيتامين س C - كما يحتوي على نسبة جيدة من العناصر المعدنية مثل فيتامين بB ،ويحتوي على أملاح معنية مهمة كالبوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم...

أما من الناحية الدوائية أو العلاجية فهو يحتوي على مركب ريزفيراتول (resvératrol) والتي تتميز بتأثيرها الإيجابي في الحد من تصلب الشرايين حيث لها تأثير مباشر وملحوظ في تقليل نسبة الكولسترول مما تقلل الإصابة بأمراض القلب.. كذلك يقلل من الكولسترول السيء (LDL) في الدم، كما يوجد في العنب بعض الأحماض التي لها دور في الوقاية من تراكم الجذور الحرة وبالتالي يعتبر مضاداً جيداً للسرطان... وله فوائد أخرى لم تعد خافية على أحد.

فمقصدنا من البحث في الآية الكريمة، هو معرفة كيف وزعت يد القدرة أول الموجودات الغذائية، وهي الحب بجميع أنواعه، ثم بدأت تخصص منه وتطور، وإن كان النخيل يفرز حبا، فهو مخصص وله فوائد أخص وأبلغ، ثم تخصص نوع ثاني من الحب وهو الأعناب ومن خصائص كذلك أن يلبي ما بقي من حاجات الإنسان الغذائية والوقائية والعلاجية...

ولا يفوتني أن أذكر الباحثين على الأنوار، أن هذه المواد الربانية الثلاث المذكورة في هذه الآية العظيمة، تنطق بخاصية ما فيها، ومن تأمل انوار حروف كل كلمة يمكن له أن يعرف حقا خصائص الحب أو النخيل أو الأعنـاــب، وما يطابق ذلك من مواد نافعة تليق بما تبدعه أيادي القدرة الربانية وكيف تحيط بمنافع ومصالح العباد...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire