تاريخ الحجامة باختصار:

عرفت الحجامة منذ الأزمان الغابرة، ولا يستبعد لمن قال عرفها أبونا آدم وعمل بها، مصداقا لقوله تعالى: وعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلّهَا.. وهذا بعد دخوله زمن التكليف بعد الجنة (تاريخ الآدمية معروف)..

أما تاريخها المدون فقد عرف منذ حوالي 5000 سنة ق.م.، وقد وجد مخطوط صيني حريري يرجع تاريخه إلى 4000 سنة ق.م.، ولم تنته عند الصينيين عبر القرون والسنين بعد أن كانت تسمى طريقة القرن (نسبة إلى قرون الحيوان التي كانوا يستعملونها) حتى وصلت إلى الكاسات العلاجية، ثم انتهت إلى كاسات النار الرجاجية وهي التي لا تزال تستعمل إلى الآن..

واستعمل الفراعنة الكاسات الزجاية منذ 3200 ق.م.، الرسومات الفرعونية تدل على ذلك، ثم انتقلت حسب ما يعتقد إلى المنونيين والسومريين الذين كانت لهم طقوس في فعلها..

ثم انتقلت إلى الهند منذ 3000 سنة ق.م. وكانت تعتبر في الطب الهندي القديم "أيويدفيدا" وإلى الآن لا زال تعتبر الطب وطريقة الحجامة التقليدية..

ثم انتقل إلى الإغريق حيث تطورت مع تطور معرفة الأخلاط والأمزجة، فبرع فيها وأبقراط (460 ق.م.) ثم جالينوس (129-200 م) .. ثم انتقلت إلى الرومان وزادوا عليها من الهالات والاستعدادات الاستحمامية وأضافوا إليها طقوسا من التنجيم والسحر.. كما عرف سكان أمريكا الأصليون، وشعوب الإنكا قبلها (شعوب جنوب أمريكا)..

وهكذا استلمتها أوروبا بنفس الطقوس السحرية، وبعد ذلك ربطوها بالأفلاك حيث ربطوا كل عضو عندهم ببرج معين ومنزلة معينة، وكانوا يسمونها "هدر مجنون الدم".. فهجرها الرهبان لما فيها وجدوا فيها من التجاوزات.. إلا انها رجعت في عهد النهضة إلى سابق عهدها إلى حدود القرن السابع عشر، حيث ترجم الطب العربي لإبن سينا وغيره في التعامل مع الأمراض، خصوصا إجراء العمليات الجراحية والتعامل مع الأعشاب ومركباتها ومستخلصاتها.. هجرت الحجامة إلا في بعض الأمراض كالنقرس (la goutte).. وبعد مرور السبين والقرون بدأ يُرجع إلى الحجامة، حيث وجد فيها كثير من المزايا على يد المجتمع المدني في كثير من الأمراض التي يعجز الطب فعلا عن معالجتها، وبشرطة محجم يجد المريض منها راحة واستحسانا كـــداء ترسب الأصبغة الدموية (l’hémochromatose) وهي مجموعة من الأمراض وراثية تعمل على تكثل الحديد في الدم، والمرض يسمى (hémosidérose).. كما يعالج منه كثرة كريات الدم الحمراء (Polyglobulie)، وهي علة تكون في الخلايا الجدعية (cellules souches) ويكون في النخاع الشوكي المكون للدم (moelle hématopoïétique)، وهذا المرض من شأنه أن يلزج الدم بزيادة كتل الخلايا فيه، وهذا من شأنه التأثير على مصل الدم (بلازما plasma).. وهذا له علامات عصبية كالصداخ المزمن والدوخو (céphalées, vertiges) كما يحمل معه طنين الأذن (acouphènes), وفي بعض الأحيان يكون السبب في السكتة الدماغية (accidents vasculaires cérébraux) كما يكون السبب ارتفاع الضغط الدموي (Hypertension artérielle.) واحمرار الجلد وتورمه (érythrose cutanée)..

كما يكون السبب في مرض البورفيريا (porphyrie) وهي إصابة تتميز بوجود عنصر مكثف من البورفيرين (porphyrines) في الجهاز، وهي جزيئات تكون في الجزء الغير البروتيني في الهيموجلوبين (partie non-protéique de l'hémoglobine)، ويعرف بوجود التسممات الناتجة عن المعادن الثقيلة (intoxications (métaux lourds ويظهر منذ الصغر ويتحول عند الكبر إلى مرض القروح المزمن عند التعرض إلى أشعة الشمس... .

وعرفت الحجامة عند العرب قبل الإسلام، ولا يعرف الكثير عن تاريخها، ولكن الدليل أن الإسلام وجدها على ما هي عليه، فرشّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجه فيها ما لم يوجهه أحد من الأولين ولا من الآخرين...

 

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire