بعبارة أدق وشرح أوضح:

خلق الله الإنسان، وسخر له كل ما في الأكوان، عُلم من ذلك ما عُلم وجُهل منه ما جهل، وإن تأمل الإنسان فيما ذكر في القرآن من المسخرات ذهل كقوله تعالى: ٱللَّهُ ٱلَّذِيخَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَبِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِيَفِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَٰرَ ، وَسَخَّرَ لَكُمُٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَآئِبَيۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ،وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِلَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ..

وقوله تعالى: هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗۖ لَّكُممِّنۡهُ شَرَابٞ وَمِنۡهُ شَجَرٞ فِيهِ تُسِيمُونَ ١٠ يُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلۡأَعۡنَٰبَ وَمِن كُلِّٱلثَّمَرَٰتِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ، وَمَا ذَرَأَ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَذَّكَّرُونَ ، وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُواْ مِنۡهُ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُواْ مِنۡهُ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ، وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٥ وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ ، أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ...

وقوله تعالى: أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِيفِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦ وَيُمۡسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّابِإِذۡنِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ ...

وقال تعالى: أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَعَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِبِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ...

وقال تعالى: ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ فِيهِ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْمِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِيٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ...

وقال تعالى: هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ...

فكل ما خلقه العليم الحكيم لهذا الإنسان وكل ما سخره الكريم الرحيم له إنما هو تأهيل تكليفي وليس جزاء تشريفي، فالجزاء يكون على عمل تم إنجازه بدقة ونجاح، والتشريف يكون على استحقاق كان عنوانه الصلاح... فما هو المطلوب من الإنسان فعله، والمشروط عليه اتباعه، لكي يكون في مستوى التكليف ويفوز بمرتبة التشريف؟؟

الجواب لا يكاد يخطئ لسان عاقل: أن يعبد الله ولا يشرك به شيئا، قال تعالى: وَمَا خَلَقۡتُٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ .. وقال تعالى: ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ فَٱعۡبُدُوهُۚوَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ..

فمفهوم العبادة كان مبحث العلماء والأصوليين وديدن الأولياء والصالحين خلال الخمسة عشر قرنا مضت على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونريد الآن أن نستخلص معنى علمي يفيد موضوعنا في الطب الإسلامي ومركز الإنسان فيه بين ما خُلق له وما خلق من أجله ، وما هو مطلبه وكيف يكون مساره، وما هو المطلوب منه وحول ماذا يكون منتهاه ومداره..

وهنا تتجلى المعاني بين العبادة والطاعة، وإن كان للطاعة قواعد تقوم بها فإن للعبادة أسرار ترتكز عليها.. وهذا ملتبس إلا على ذو بصيرة.. فهناك من الطاعات ما يمهد لقواعد العبادة كقوله تعالى لسيد المرسلين: فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُنمِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ ، وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ.. وهناك من الطاعات ما يثبت العبادة كقوله تعالى لكليمه من المرسلين: وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا يُوحَىٰٓ ، إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ..

والعبادة على درجات في القصد ومراتب في التوجه، وهي موزعة بين الأقوال والأفعال والأحوال، وتختلف انوارها حسب المهمات والملمات، فكل ميسر لما خلق له، فكانت في حق الجن والإنس عامة: "لِيَعۡبُدُونِ"، وكانت في حق موسى الكليم خاصة: " فَٱعۡبُدۡنِي، وكانت في حق سيد الأولين والآخرين: " وَٱعۡبُدۡ "...

فأنوار الحروف في الأمر تبني أرضية التخصص في العبادة، وتؤسس أركان بنيانها في الشخصية الإنسانية حتى تبلغ المقاصد منها.. وهذا هو الأساس فيه والغاية منه، وإلا فما معنى قوله تعالى: مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ..

فإذا كانت مهمة الإنسان مختزلة في العبادة، فإن أسرار العبادة هي الرحمة بالعباد وبالكائنات والمكونات، وإلا فما المعنى من قوله تعالى في حق نبي الرحمة: وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ.. فهذا النفي والإثبات إنما يبين مقاصد العبادة بكل أبعادها، ومصبها في مقصد واحد هو الرحمة للعالمين..

وعلى هذا يفهم على أن كل نور من أنوار العبادة إنما هو رحمة مقصودة لمكون أو أكثر، في عالم أو أكثر من العوالم الربانية، مددها من الملك الرحمن، ومركز إشعاعها هو الإنسان، ومحط انعكاسها في المكونات والأكوان...

وعليه فيكون لكل لون من الطاعات انوار تقوم بها هي الشريعة، وأنواع من الأعمال والأحوال ترتكز عليها هي الطريقة، ومقاصد إلى الرحمات توصل إليها وهي الحقيقة، والجمع بين ألوان الطاعات وانواع المقاصد هي التي خلق الله هذا الإنسان لها وهي حقيقة العبادة..

فإن دخل فيها ما يشوبها من طلب العوض فسد فيها المقصد، وإن كانت ألوانها قائمة وأركانها سليمة،فلا يحرم صاحبها من العوض وإن كانت تسمى عبادة التجار.. أما إن ذاب العبد فيها بتغييب النفس عنها، وسلك في أقدارها بمقدرها، بلغت الغاية العبدية وكانت عبادة الأبرار، وبلغت المقاصد من إشراق انوارها وتدفق أسرارها...

فإذا فهمت هذا أو قبلته كمبدأ في التفكير فإنه يسهل عليك قراءة ما سبقت به العناية الربانية وما وبلغته الرسائل السماوية.. وما صانته أحوال الأولياء الربانية، وما بدلته أو بدعته أيادي الاحتراف الإجرامية... وهنا مكمن العلل والأمراض، وهنا موطن المحن والفتن، ومن هنا يبدأ السلب بعد العطاء، والبُعد بعد القرب والإدناء...

ومن فهم هذا يسهل عليه تأصيل الانعكاسات على المخلوقات البشرية ومحيطاتها الإمدادية من قوله تعالى: وَكَذَٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِيَ ظَٰلِمَةٌۚ.. وتفاصيل ذلك في قوله تعالى: فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗاوَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡوَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ...

فالمعطيات التي بين أيدينا هي في الواقع قاعدة بيانات علمية ربانية في أخذ الإنسان وعطائه، يمكن من خلالها أن نؤصل لمحض حضارة حقيقية مبنية بأصول قانونية في التعامل والمعاملات في حفظ الحقوق الإنسانية، والمحافظة على البيئات الطبيعية، التي ما أحسن التعامل معها إلا زانت وزادت نفعا، وما أسيء معها إلا شانت عواقبها وانقلبت ضررا ومقتا...

إذا تأملنا المعطيات في الآية الكريم والملابسات والحيثيات التي ذكرتها القاعدة الربانية في الحكم: فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦ.. فإنما يدل على أن فصول القانون الجنائي الرباني سطرته يد القدرة فلا يتبدل، وحكمته يد القوة فلا يقهر، وصاغته لغة الحكمة فلا يبلى ولا يتقادم..

فإذا قال الحق سبحانه:

* فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا.. يستشف من الحكم منطوقه النافذ تبعا لملابسات الحادث بكاملها رغم علامات التحذير والوقاية والتحرز والاتقاء... فلما وقع ونزل ونحلل ونستنطق منه ما تحصل:

فالحاصب عقوبة ربانية، كانت في حق قوم عاد.. أما جرمهم فتذكره الآيات العظيمة في كتاب الله تعالى، فيجب أن تجمع كل الآيات المتعلقة بالموضوع وتحلل كل السلوكات والأحوال المنتكسة في قوم عاد حتى نستخلص منها ما نريد الوصول إليه من هذا البحث، كقوله تعالى: وَتِلۡكَ عَادٞۖ جَحَدُواْ بِٔاۚيَٰتِرَبِّهِمۡ وَعَصَوۡاْ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيد.. وقوله تعالى: كَذَّبَتۡ عَادٌ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ، إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِينٞ ، فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَمَآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ، أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِيعٍءَايَةٗ تَعۡبَثُونَ ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ ، وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِينَ ، فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيٓ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ ، أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ ، وَجَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ، إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ، قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡنَآ أَوَعَظۡتَ أَمۡ لَمۡ تَكُن مِّنَ ٱلۡوَٰعِظِينَ ، إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلۡأَوَّلِينَ ، وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ ، فَكَذَّبُوهُ فَأَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ... حتى أخذاتهم العزة بالإثم وقالوا كما أخبر الحق سبحانه: فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ...

* وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ.. والصيحة كانت في حق قوم ثمود وأهل مدين وأصحاب القرية، وهي صاعقة من السماء (وقد سبق الكلام عليها) أما بعض الملابسات من آيات الله كقوله تعالى: وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥ، هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِوَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِيهَا فَٱسۡتَغۡفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٞ مُّجِيبٞ،قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَمَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ.. أما قصة الناقة فكانت في حد ذاتها عقوبة ابتدائية لإثبات ضلالتهم واستنفاذ الرحمة بهم.. قال تعالى: وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةٗ فَظَلَمُواْ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا...

* وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِٱلۡأَرۡضَ.. خسف الأرض بمن وما عليها، تعني ابتلاعه كلية، وكانت العقوبة الموجبة في حق قارون، قال تعالى في الحكم: فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ.. و في تعليل الحكم وحيثياته وإثباتات الجريمة قال تعالى: إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰفَبَغَىٰ عَلَيۡهِمۡۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَلَا يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ، وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ !... إلى أن قال من قوله تعالى: فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ ، وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّٰبِرُونَ ، فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ...

* وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ.. الغرق هو طوافان الماء حتى يموت صاحبه مختنقا، والغرق كان عقوبة في حق فوعون ووزيره هامان ومن معهما على الضلال، وكان الغرق محلي وموضعي، وأنجى الله مع آمن مع موسى ، وقبله قوم نوح، ونجى الله من آمن وركب في الفلك معه، وكان الغرق عام وكلي وكان لنبي الله نوح وسيلته الخاصة للنجاة..

قال تعالى في حق فرعون: قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡإِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ .. وقال تعالى مبينا قوله لنبي الله موسى: قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ.. وقال تعالى مبينا قول فرعون لقومه: وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦقَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِنتَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ.. وتكبره وتجبره عليهم وطغيانه قال تعالى: وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي فَأَوۡقِدۡ لِي يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجۡعَل لِّي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ، وَٱسۡتَكۡبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ إِلَيۡنَا لَا يُرۡجَعُونَ.. وقوله: وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦقَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِنتَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ، أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞوَلَا يَكَادُ يُبِينُ ، فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَمَعَهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ ، فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ... .

وكذلك كانت الأحداث والحيثيات من أخبار نبي الله نوح عليه السلام، قال تعالى: وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ ، أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ ،فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَاوَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِوَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۢ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ... ومكث فيهم دهرا طويلا يدعوهم إلى الصلاح قال تعالى: وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍإِلَّا خَمۡسِينَعَامٗا.. ولم يطيقوا دعوته فقالوا من قوله تعالى: قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَافَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ، قَالَ إِنَّمَايَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ.. فناجى نوح ربه قال تعالى: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا ، فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا ـ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا، ثُمَّ إِنِّي دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارٗا ، ثُمَّ إِنِّيٓ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارٗا ، فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ، يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا ، وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ َنۡهَٰرٗا ، مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا ، وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا.. حتى جاء أمر الله أن لا فائدة منهم ترجى قال تعالى: وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَفَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ، وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَاوَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ...

ومع ذلك كانوا يسخرون منه قال تعالى: وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚقَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ.. وجاء أمر الله وكان في دعاء الحسم لنبي الله نوح قال تعالى: وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ، إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا، رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا.. وجاء جواب الحسم تجري به الأقدار قال تعالى: فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ،وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ ، وَحَمَلۡنَٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَٰحٖ وَدُسُرٖ ، تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَكُفِرَ ، وَلَقَد تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ...

ونمر مرور الكرام فقط، على الأقل حتى نتعلم كيف تستبط الأحكام العلمية من الحيثيات والملابسات في القصص القرآني، وإن لم يستصغها بعض إخواننا من أول وهلة، و يعسر التأقلم معها في البداية، لكنها مطلوب علماء المادة والطب وعليها مدار البحث منذ عقود خصوصا في فيزياء الكموم وطب الكموم.. وحتى يعلم أن حقيقة البحث الديني بالنسبة لعلمائنا هي أوسع مما جزئ لهم في البرامج التعليمية، وأعظم مما رصد لهم في التخصصات الجامعية..

وحتى يحسم في أمر الدين أنه منهج حياة متكاملة وليست لملمة شرائع متجزئة وأبواب متفرقة يجوز الوقوف مع بعضها بما يرى، والتصلب في البعض الآخر حسب المصالح والمنافع والهوى..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire