ما يناسب الحروف العربية من الأنوار

أما الكلام العربي فيتألف من تسع و عشرين حرفا، و ليس ثمانية و عشرين، لكل حرف جزء من الأجزاء المذكورة و هي كما يلي:


فللهمزة الامتثال
و للباء سكون الروح في الذات سكون المحبة و الوقار..
و التاء لها كمال الحواس الظاهرة
و الثاء لها الإنصاف
و للجيم الصبر
و للحاء الرحمة الكاملة
و للخاء ذوق الأنوار
و الدال لها الطهارة
و للذال معرفة اللغات
و الراء لها حسن التجاوز
و الزين لها الصدق مع كل أحد
و للطاء التميز
و للظاء نزع حظ الشيطان
و الكاف لها معرفة الحق سبحانه
و للام العلم الكامل
و الميم للذكورية..

و للنون الفرح الكامل
و الصاد لها العقل الكامل
و الضاد لها قول الحق
و للعين العفو
و الغين لها كمال الصورة
و الفاء لها حمل العلوم
و للقاف البصيرة
و السين لها خفض جناح الذل
و للشين القوة الكاملة من الانكماش
و للهاء النفرة من الضد
و للواو الموت في الحياة
و للام الألف عدم الغفلة
و للياء الخوف التام من الله عز و جل ..


هذه دلالات الحروف العربية حسب أجزاء الحروف النورانية أو الحرف القرآني، وأما انتسابها حسب الأنوار فهو كما يلي:


فالحرف الآدمي له من حروف العرب خمس حروف: التاء ( ت )، و الظاء (ظ)، والميم (م)، و الصاد (ص)، و الغين (غ) .. و يبقى من أجزاء الآدمية جزءان..


وللقبض أربعة أحرف: الهمزة ( أ)، و الثاء (ث)، و الشين (ش)، و الهاء (هـ).. و بقي من أجزاء القبض ثلاثة..


و للبسط ثلاثة أحرف: الراء (ر)، و النون (ن)، و السين (س).. و بقي من أجزاء البسط أربعة..


و للنبوة ستة أحرف: الجيم (ج)، و الكاف (ك)، و الحاء (ح) و الضاد (ض)، و العين (ع) و الياء (ي).. و يبقى من أجزاء النبوة واحد..


و للروح خمسة أحرف: الدال (د)، و الخاء (خ)، و الطاء (ط)، و القاف (ق)، و لام الألف (لا)، و يبقى من أجزاء الروح جزآن..


و للرسالة من هذه الحروف أربعة: و هي الباء (ب)، و الزين (ز)، و اللام (ل)، و الواو(و).. و بقي من أجزاء الرسالة ثلاثة.


و هذه تسعة و عشرون حرفا على تسع و أربعون جزءا، فيكون الباقي من عدد الأجزاء عشرون، فإن أسقطت تسعة و عشرين عدد الحروف من تسعة و أربعين عدد الأجزاء، بقي عشرون جزءا، و هي التي سبق ذكرها اثنان من الآدمية و من القبض ثلاثة و من البسط أربعة و من النبوة واحد و من الروح اثنين و من العلم خمسة و من الرسالة ثلاثة..


و هذه هي الأنوار التي نزل بها كتابالله على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أولا للاهتداء إلى كتابته، ثم النطقبه، ثم معرفة المد فيه و الوقف، و كذلك التفخيم والترقيق، ثم بعد ذلك معرفة ماتعنيه الحروف القرآنية، بل بعض ما تعنيه الحروف القرآنية من أنوار و أسرار.. و التي رخص فيها رسولالله الكريم و التي تعلمها من لدن عليم حكيم، فمن توفق إلى معرفة شيء منها وفقهالكريم إلى معرفة شيء من أسرار القرآن العظيم كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و من حرم من ذلك فعليه أن يتبع و لا يبتدع و يسلم الأمر لأهله، و لا يساوي بينكتاب الله و كتب خلقه و يفسره حسب الأهواء.. فتلك هي البدعة الحقيقية..

 

فمن سره أن يتكلم عن القرآن و حرفه و عن رسول الله و أميته فليدخل لجج الأنوار و الأسرار، لا كما سهل ذلك على أقلام المتفلسفين أو المتنطعين الظاهريين، و ما هذا الذي بين أيديكم إلا فتات فضل عن موائد أولي الألباب و مجامع أولي الفهم والخطاب من أهل الله و العلماء بالله..


فرسم القرآن صادر و موقوف عن رسول الله عليه أفضل الصلوات و أزكى السلام .. و ما للصحابة و لا لغيرهم في رسم القرآن العزيز و لا شعرة واحدة.. و إنما هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه و سلم، و هو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة، بزيادة بعض الأحرف و نقصانها، لأسرار لا تهتدي إليها العقول، و ما كانت العرب في جاهليتها و لا أهل الإيمان من الأمم السابقة في أديانها يعرفون ذلك و لا يهتدون إلى شيء منه بعقولهم، و هو سر من أسرار الله خص به كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل.. دون سائر الكتب السماوية كالإنجيل و التوراة، و لا في غيرها من الكتب السماوية، و ما كان ذلك موقوفا على معرفة الكتابة من رسول الله و حاشاه أن يكون مفتقرا إلى ذلك، و لكن الحبيب المحبوب تعلم من العليم الحكيم أصل و منبع ذلك و هي الأنوار الناطقة بخاصية الحرف القرآني و الأسرار الدالة على النطق القرآني، و ما كتابة الحرف الظاهري إلا تقييد لأهل العادة و القاصرين مثلي رحمة بهم كي لا يحرموا حتى من ظاهر القرآن و في ظاهره من الخير ما لا يعلمه إلا الله، فكيف بباطنه..


فكما أن نظم القرآن أعجز الأولين و الآخرين في نظمه و سلاسته و حلاوته و رقته و بيانه و تاريخه و إخباره و تشريعه و في كل عرفه الإنسان من علوم و فهوم في الطب و الكيمياء و الفيزياء ما علم الإنسان منها و ما لم يعلم، و هذا موضوع البحث وسيأتي بيانه بفضل الله مع البحث، ففي رسمه كذلك معجز، يعني في كتابته، و ليس كما قال القائل أنها أخطاء يجب أن تصحح، و هذه بعض الأمثلة على ذلك:


كيف تهتدي العقول في زيادة الألف في مائة من قوله تعالى: وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ.. و عدم زيادتها في فئة كقوله تعالى: كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ..

و ما السر في زيادة الياء في أييد، في قوله تعالى: وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ.. والسر في إسقاطها في

" النبيّـن " و " الأمّيّـن " و " ربّـنيّن "...
و ما السر في زيادة الألف في سعوا في سورة الحج من قوله تعالى:( وَٱلَّذِينَ سَعَوۡاْ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ) .. و عدم زيادتها في سورة سبأ من قوله تعالى:( وَٱلَّذِينَ سَعَوۡ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَٰٓئِكَ
لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٞ
)..
و ما السر في زيادة الألف في عتوا من قوله تعالى في سورة الأعراف: فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ)..و حذفها في قوله تعالى من سورة الفرقان: لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا..
و ما السر في زيادتها في (آمنوا)، و (كفروا)، و (خرجوا)، و (دخلوا)، و سر إسقاطها في : ( باءو)، و (جاءو)، و (تبوءو)، و (و إن فاءو)
كيف تبلغ العقول إلى إثبات الألف بعد الواو في سموات فصلت: فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ .. وعدم إثباتها بعد الوار في الشورى: تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّۚ ..

و لماذا يثبت ألف الميعاد في آل عمران من قوله تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ .. و يحذف في الأنفال في قوله تعالى: وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ..
و كيف تهتدي العقول إلى إطلاق بعض التاءات و ربطها، كقوله تعالى في سورة الأنعام: وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ
صِدۡق
ٗا وَعَدۡلٗاۚ.. في مواقع عدة كالتوبة والأعراف و يونس و طه و المؤمنون و غافر.. كما جاءت نفس الكلمة مربوطة في سورة التوبة: وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.. كما جاءت كذلك هود و إبراهيم و الكهف و طه و الزمر و فصلت..

كما أنها في بعض المواقع كتبت بالواو ككلمة الصلاة أينما كانت كقوله تعالى: ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ ... و في بعضها بالألف و في بعض المواضع كتبت بالتاء و في الآخر بالهاء...

و غير ذلك مما لا يحصره إلا العلماء بالله، و لا يعلم حقائقه وأسراره غيرهم، الذين ورثوا العلم من رسول الله صلى الله عليه و سلم.. خفيت عن الناس لأنها من الأسرار الباطنية، و لا تدرك إلا بالفتح الرباني.. و لا يكون الفتح الرباني إلا للعلماء بالله.. لا من ظن أن الفتح هو استنباط المعاني حسب الأهواء..


هذه هي السنة المحمدية، و غيرها البدعة الحقيقية.. و ليس مشترط على عموم الناس معرفة ذلك إلا أنه مشروط عليهم التسليم بذلك، ومن حباه الله بالاطلاع على ذلك فلم يسلم بذلك فهو المغبون حقا بقدر ذلك..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire