الشاكلة والفطرة بنظرة أعمق:
انتهينا خلال الباحث السابق المتواضع أن الشاكلة هي البنية الأساسية التي خُلق بها الإنسان، أو بعبارة مادية: التي وُجد بها الإنسان، والمعلوم عن طبيعة الإنشاء والتشكيل أن العناصر فيه مؤثرة (فلا ندخله لأن الباحثين بينوا مختلف العناصر المعدنية منه على الأقل والتي تجانس ما في الأرض...) ولكن الذي نشد الانتباه إليه أكثر هي الخريطة الجينية السلالية وحال الأب حين القذف وطبيعته ومحيطه والذي منه سر الفعل ويعتبر كذلك الزمان والمكان، فكل مؤثر يترك بصمة في هذا التكوين، ثم تنتقل الأهمية إلى الأم التي يكون فيها سر التفاعل، فتعتبر طبيعتها وتنافسها وتجانسها في السلوك على مدة الحمل، لأن الجنين كما يكون له نصيب من هواء وغذاء الأم فله كذلك نصيب من كل توازن وانفعال واستقرار واستهتار... (وهذا كذلك في متناول أهل الاختصاص وأبحاثهم في الباب متقدمة...)
كل ما ذكر ومعه أمور أخرى ظاهرة وغيرها خافية.. كلها تترك بصمة خاصة في الشاكلة الأصلية، حيث تميله وفرة المادة الفلانية إلى تقدمه في الإقبال المعين أو التخصص المقنن، كما تعيقه المادة أو المكون الفلاني فيما تفوق فيه غيره أو أفلح فيه نظيره، وهكذا تجد بين الإخوة الأشقاء من يقوى على الشيء ويقبله وشقيقه يرفضه أو لا يقوى عليه... ونظير هذا التخصص ما بحث فيه واستثمره الباحثون في الفصائل الدموية.. وهو كذلك تصنيف في الشاكلة (على المتخصصين الالتفات إليه من هذه الزاوية)...
على هذا الأساس من عناصر المكونات للشخصية، تتكون بنية الشاكلة، وتسمى أصل في الشاكلة، ويجب أن تحترم ويحسب لها حساب مؤهلاتها ومكوناتها.. ولا يحاسب صاحبها على شيء فيها، بقدر ما يحسب عليه استثمار كل ما يقدر عليه فيما توفر فيها.. (ولا يأتي متفلسف ويقول: كيف أحاسب على تكوين لم أُخيّر فيه أو على بنية فُرضت عليّ...) نقول له حكمة الخلق سوت في العطايا، فمن انتقصت منه مادة معينة عوضت له طبيعيا بعطية مخصصة (وهذا يعلمه المتبصرون ولا ينكره إلا الجاهلون).
فعلى هذا الأساس تتكون الشخصية وأصولها نورانية (كما سيأتي بيانه) يمكن أن نصنف عليه الشاكلة (الشخصية)، وعكسها (ظلماتها) من شأنها تعويق قدرات الشاكلة على التأقلم مع جميل الأقوال أو صحيح الأفعال أو سليم الأحوال، فأركان الشاكلة كما سلف ذكره ستة، وهي الأنوار التي تقوم بها حروفها كما وردت في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، فتكون طبعا معوقاتها ستة، كلما افتقدت الشاكلة مُقوما اعترته علة، فيبقى تصحيح السلوك المعين بإزالة عكسه (ظلمته) وإثبات أصله (نوره)...
فإذا انتصبت للمختصين ورشة البحث في أنوار الحروف الستة (مقومات السلوك فيها أو معوقاتها) فليجتهدوا في وضع التصانيف (ولا مشاحة في الاصطلاح طالما كانت المعاني صحاح) ولي اليقين أنها لن تكون هوة بين المعاني ولن يكون تفاوت في المباني، ولكن الاجتهادات تكون حتما تركز على التخلي والتحلي.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون..
يمكن أن يسمى التصنيف على ترتيب الحروف والأنوار القائمة كأن تقول شاكلة الشين (ونورها القوة الكاملة في الانكماش) أو شاكلة المحتاط أو الحذر أو المتحرز أو المحترس.. وعكسه شخصية الملقي بنفسه إلى التهلكة أو الأخرق أو الأهوج أو الطائش...
وهذا نموذج للشخصيات الست كما سبق بيانها على كلمة "شاكلته"، ونريد أن نبدأ تشخيصها على حسب غلبة النور على صاحبها، كأن نقول هذه الشخصية يغلب عليها طبع القوة في الانكماش وتعني الشخصية المحتاطة، أو إذا افتقدت النور تسمى: طيش في الشخصية... وكذلك في باقي السلوك وجودا وإثباتا أو ضياعا وفقدا.. وهذا بيان أولي لذلك:
والمعلوم أن سلوك الشاكلة له تأثير على جهة من وظائف الأعضاء معينة، فالسلوك إن نفذ في إيجابياته تنشط له وظائف، وبعد أدائه تستفيد منها أعضاء ووظائف أخرى أو يتحقق بها استقرار أو توازن معين أو حفظ ما في جهة ما... وكذلك العكس فإنه تنقبض به أعضاء مخصصة في الجسد عند كل ظلمة، وطبعا تتأثر به وظائف أخرى وهذا مثال له:
1 - شخصية الشين.. أو الشخصية المتحرزة أو الحذرة: (personnalité prudente) والمقصود بها "في ترتيبنا" هي الشخصية الحذرة من كل شر والمتحسبة من الوقوع في المهالك والشرور، وهي شخصية متميزة بالعقل والمعرفة والالتزام والتوازن وأخذ القرارات الصائبة في أوقاتها، ونور الشخصية هو توسط بين إفراط في الحيطة فيصبح مرضا، وهو الذي يسمى في الطب النفسي ب"الشخصية الاجتنابية" (Personnalité évitante) والاضطراب يسمى: باضطراب الشخصية التجنبية (Trouble de la personnalité évitante)... أو في تفريط الحيطة فيسمى: الشخصية المتهورة (personnalité imprudente) أو خرقاء أو طائشة (personnalité maladroite et téméraire)... هذا مثال فقط لما يمكن أن يسير عليه باحثونا، فنحن نقصد ما يوازن الشخصية أو يزينها، ونسميها بالركن الذي تقوم به الشاكلة ونذكر أعراضها من عكسها لبيان ما يتعلق بها من أعراض وأمراض (وهذا المقصود) أما بسط العلم فيبقى فيه نظر للمتخصصين والإحسان فيه درجة للمحسنين والله ولي المتقين..
ولما كان للظاهر علاقة ضيقة بالباطن، وللباطن علاقة مباشرة ومؤثرة على الظاهر، كأن تقول: هل للخوف علاقة بوظائف الأعضاء.. كتسريع نبض القلب واصفرار في الوجه وربما في الحركة أو على مستوى الفكر أو الحواس... أو له علاقة بالغدد وما يتعلق بها وبمختلف الإفرازات وما ينتج عنها... وهذا لا يخفى على المختصين في وظائف الأعضاء.. إلا أن الأبحاث فيه كانت على قلتها، وعلاقة السلوك بمختلف الأعضاء ووظائفها الظاهرة والباطنة... وإن كان هذا يفتح لنا بابا لعلم آخر يسمى ربانيا "علم السمات"، وهذه نبذة عنه:
علم السمات:
السِّمة (trait) في اللغة تدل على علامة، ويقال سمة شخصية بمعنى خصلتها أو سجيتها أو علامتها، ولعلم النفس فيها كلام كما ذكره بيير داكو في ختام كتابه الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث (الذي لم يترجم ولا حاجة لترجمته لقلة فائدته) (les prodigieuses victoires de la psychologie moderne) الذي يصف فيه الخائف بسمات والمستحيي بأخرى والمندفع كذلك... والتي يمكن أن ترى على مظهره الخارجي وبنيته الخارجية...
الذي نريد البحث فيه أعمق من ذلك وأدق منه، ومطلوب البحث فيه والعمل عليه بدليل قوله تعالى: "سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِّن أَثَرِ ٱلسُّجُودِ" والسجود معناه السجود في الصلاة، ومعناه أعمق من ذلك بالسجود الدائم في محراب الطاعة عندما يتم اليقين ويحصل الاطمئنان... وهذه علامة يراها العارفون.. وكذلك في قوله تعالى: "يُعرَفُ ٱلمُجرِمُونَ بِسِيمَٰهُم فَيُؤخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلأَقدَامِ" وإن كانت خاصة بملائكة العذاب يوم القيامة فإن للمتقين فيها نصيب من العلم في الحياة الدنيا...
فسلوك الطاعة أو المعصية أو الفعل النوراني في الطاعة والظلماني في المعصية أو ما عرف عنه في صلاحه وما نكر منه لمضرته... له تأثير مباشر على الأعضاء الظاهرة والباطنة ووظائفهما، وللمختصص قراءته "بل والتدخل في معالجته بما يتوفر عليه من وسائل"، وهذا الذي نريد أن نصل إليه وندل عليه خلال هذا البحث.. "ويمكن لطب وظائف الأعضاء التدخل في ذلك بشيء مباشر ومفيد" كأن يقوي العضو على وظيفته أو النفس المضطربة على إيجاد نور الفعل والخروج من ظلمته...
وسنرجع لعلم السمات إن بقي متسع له في موضوعنا.. ولنرجع إلى اكتمال ما نحن بصدده:
قلت أن للشخصية المتحرزة أو الحذرة.. (شخصية حرف الشين) قوة في القرار (تنجم عن سلامة في الفكر ورجاحة في العقل) التي تعطي الإشارة الآنية إلى وظائف الأعضاء فتنفذها على الفور (كأن تتوقف اليد عن الفعل أو الرجل عن السير أو السمع أو البصر عن المتابعة...) وهذا يمكن أن يكون بحركة إرادية أو يمكن أن يرقى إلى حركة لا إرادية عند التفرس والتمرس.. وهذا المقصود من هذا البحث، إذن هذا السلوك المميز من شأنه أن ينشط الذاكرة ويقويها وكذلك ينشط تفاعل الأعضاء مع ما يقرره العقل ويأمر به في سليم الأقوال والأفعال وكذلك الأحوال...
أما مضطرب الشخصية (الشخصية المتهورة أو الطائشة...) فيكون لها من الأعراض على مستوى العقل والقرار وتنفيذ المهام عكس ما سلف ذكره وسبق بيانه (وللمختصين بيان ذلك والتفرس فيه)..
2 - شخصية الألف.. أو شخصية الامتثال أو الاستقامة (أو المثالية أو المستقيمة) والاستقامة يسبقها الامتثال قال تعالى: "فَٱستَقِم كَمَا أُمِرتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطغَواْ" وقال ربنا: "وَٱستَقِم كَمَا أُمِرتَ، وَلَا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم" ويمكن أن تسمى الشخصية المتزنة أو المتوازنة لأنها تعرف ما لها وما عليها... وامتثال الأمر يتوقف على الإيمان به وتنفيذه بكل ثقة واقتناع، فيتوقف على قلب يؤمن به وعقل يقتنع به وأعضاء تمتثل له وتنفذه (فافهم).. فيكون للشخصية قوة عقلية تستمد من قلب سليم وأعضاء سليمة...
فهذه الشخصية أو سلوك هذه الشخصية يقوي القلب والعقل وينشط الأعضاء للتنفيذ.. وعكسه (الشخصية العاصية أو الغير ممتثلة) يكون لها من التأثيرات على ما سلف ذكره من الأعضاء على قدر العصيان والتمرد والخذلان...
3- شخصية الكاف.. (ونورها المعرفة بالله عز وحل) وهي الشخصية العارفة أو الشخصية الحرة كما يقول "ديكارت" وعلى قوله هي الشخصية التي لها علاقة بالعالم المحسوس من أجل الاتصال (والحق ما شهدت به الأعداء) وهو كذلك، فهذه الشخصية تتحرر من كل ما يربطها بالعقد والنفس والهوى وتطلب المرعة أينما كانت ويتبعها، فالشخصية تتبع الحق حيث كان فهي "شخصية عارفة"..
ومن سماة هذه الشخصية أنه تكون قوية الإحساس القلبي، وهذه حقيقة لها شواهد من قول ربنا: "نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ عَلَىٰ قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلمُنذِرِينَ" فهذا العلم الرباني لا يحويه إلا القلب قال ربنا: "وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرا مِّنَ ٱلجِنِّ وَٱلإِنسِ لَهُم قُلُوب لَّا يَفقَهُونَ بِهَا" ويقول ربنا: " أَفَلَم يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرضِ فَتَكُونَ لَهُم قُلُوب يَعقِلُونَ بِهَا"... فحقيقة التعقل وحقيقة التفقه تكون بالقلب الممد وليس بالتفكير الممتد (فافهم) فيمكن أن نسمي الشخصية: شخصية العارف أو شخصية العاقل أو الفقيه...
إذن كل نور هذا الحرف يضخ إلى القلب الذي يضخها مباشرة إلى العقل وإلى كل باقي أعضاء الجسد فيعتبر النور في الشخصية "واسطة عقد أنوار الشاكلة"
4- شخصية اللام.. (ونورها العلم الكامل) أو الشخصية العالمة أو المتبصرة أو الرشيدة.. والعلم عصب المعرفة وقنواته الطلب والبحث والتحقيق، ويعتبر الشخص عالما بالشيء إذا أتقنه بما يحقق منه كل نفع وانتفاع، وهو نوعان: علم بالكيفية ويدخل فيها الإتقان وما يصاحبه من صحة المعلومة وصدق نية العمل بها مع الحرص على السلامة والمراقبة والمراجعة.. وهذا كله يدخل في العلم الظاهر، وإن لم تتوفر فيه هذه الشروط فيعتبر تعلما وليس علما قال ربنا في السحرة: " فَيَتَعَلَّمُونَ مِنهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَينَ ٱلمَرءِ وَزَوجِهِۦ " وقال ربنا: " وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُم وَلَا يَنفَعُهُم ".. وعلى هذا الأساس يقال علم نافع وتعلم غير نافع..
أنا العلم النافع هو ما صحت أصوله وسلمت فصوله، أما صحة الأصول فهي النهل من ميزاب العليم الحكيم الذي لا يفتر إذا صح الوصول إليه من باب النبي الرسول، أما فصوله فالنية والصدق والأمانة... فالعلماء أمناء الأمة قال ربنا: "قُل هَل يَستَوِي ٱلَّذِينَ يَعلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ" وقال ربنا: " وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ دَرَجَٰت، وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِير"...
وبحقيقة العلم يقوم التوحيد، ومعناه العمل بمراد الله فيما تعلم بالله، ودليله أكبر شهادة في التوحيد كما وردت من قول ربنا: "شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ، وَٱلمَلَٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلعِلمِ قَائِمَا بِٱلقِسطِ، لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ" والمعنى أن أكبر وأصح شهادة لله بالوحدانية هي شهادته هو سبحانه (وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا) لأنه لا يعرف الله إلا الله (وكما يقال: كل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك) وأما شهادة الملائكة وأولوا العلم (وقد قرن ربنا شهادة الملائكة بشهادة أولوا العلم) حقيقة شهادتهم هي: قيامهم بالقسط.. والقسط هو العدل، وهو مراد الله في الخلق.. وجاءت كلمة " قَائِمَا بِٱلقِسطِ" فالقيام جاء مفردا، لأن أصل الفعل واحد، وهو ما أمر الله به (وليس للمَلك المقرب أو للعالم أدنى إشارة من نفسه أو إرادته أو هواه...) فقيامهم بالقسط هو أكبر شهادة لهم على وحدانية الله الذي بيده الأمر كله وله الخلق كله وهو الفاعل فيما يفعلون والمريد فيما يريدون وهو المشيء فيما يشاءون " وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلعَٰلَمِينَ"... فلنمسك العنان ونكمل الكلام في موضوعنا..
فالعلم محطه القلب ومحركه العقل ومنفذه كل الكيان..
5- شخصية التاء المبسوطة.. (ولها كمال الحواس الظاهرة) وهي الشخصية السامعة المطيعة -للحق بالحق في الحق- وقد قرأت عن هذه الشخصية فيمن يوظفون الأقلام لأغراضهم وتوجهاتهم، أن هذه الشخصية انهزامية (وكأن الشخصية السليمة هي المتمردة.. وهذا ما يُراد بنا) والحقيقة عكس تماما (وقد سبق الكلام على هذا النور) والسمع والبصر هم أساس الحواس الظاهرة، وسلامتهما تابعة لسلامة العقل في التعقل والتفقه، وسلامة العقل تابعة لسلامة القلب في الإيمان والإيقان قال ربنا "لَهُم قُلُوب لَّا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُن لَّا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم ءَاذَان لَّا يَسمَعُونَ بِهَا" والسمع والطاعة من كمال الشخصية قال ربنا: "فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱستَطَعتُم وَٱسمَعُواْ وَأَطِيعُواْ" ويقول ربنا: " يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّواْ عَنهُ وَأَنتُم تَسمَعُونَ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعنَا وَهُم لَا يَسمَعُونَ" فكيف يستوي الذي يسمع الحق ويقر به وينفذه ومن يتمرد عليه وينكره، ومطلوب أن تلتزم بالإشارة الحمراء في السير ولا نتخطاها ونحترم قوانين الدنيا ولا نعصاها...
نور كمال الحواس الظاهرة له علاقة بالحواس نفسها وله علاقة بالعقل السليم وبالقلب الوكيع..
6- شخصية التاء المربوطة ولها حكم الها.. (ولها النفرة عن الضد) وهي الشخصية الحريصة، فالإنسان الحريص هو إنسان حذر وحريص ومهتم.. فيكون جدير بالثقة، وأفضل أن أسميها: الشخصية التقية.. والتقوى من مادة "وقى" وهي حفظ الشيء مما يضره ويؤذيه، وهو باب للوقاية، وهو سلوك له مقومات بها يقوم وعليها يرتكز، فلا يقول أحد أنه عند الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أنه يفر من المشاكل وبذلك ينفر عن الضد، وإنما النفرة عن الضد هو اتقاء الحرام وبعدها اتقاء الشبهات واتقاء الشهوات وهكذا... والنفرة عن الضد أو التقوى خير ما يتزود به العبد قال ربنا: "وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقوَىٰ" وجاءت الكلمة جامعة مانعة في الأوامر الربانية والنواهي قال ربنا: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُم) وقال ربنا: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱسمَعُواْ وَٱللَّهُ لَا يَهدِي ٱلقَومَ ٱلفَٰسِقِينَ) وفي المعاملات السيئة قال ربنا: (ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰاْ) وقال ربنا: (وَٱتَّقُواْ فِتنَة لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُم خَاصَّة) وللعواقب الكبرى قال ربنا: (وَٱتَّقُواْ يَوما لَّا تَجزِي نَفسٌ عَن نَّفس شَيئـا) وقال ربنا: (وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي أُعِدَّت لِلكَٰفِرِينَ) والتقوى باب لكل نجاح وفلاح قال ربنا: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلمُتَّقِينَ) وباب لكل علم ومعرفة قال ربنا: (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ)...
هذا باختصار شديد محاولة لتقييم أنواع الشخصية التي يُعتمد عليها في تقويم الشاكلة (الشخصية) حتى يسهل ما يأتي بعدها، فإن استقامت الشخصية استقام كل شيء بعدها، وإلا وُجد على مستوى الحس القلبي أو الاقتناع العقلي أو تنفيذ الجوارح ما يعيق التقويم السلوكي على قدر إعاقة تقويم الشاكلة.. وعليه وجب على المحيط الأسري التنبه إلى الاحتفاظ على سلوك الشاكلة في الوسط العائلي (وهو غير مكلف، ولا يحتاج إلى شهادات، ولكن فيه كمال وجمال شخصيات).. وليعلم الآباء والأمهات ما يحاك بهم وبأبنائهم في هذا الصدد وهو جسيم وخطير وعظيم (إلا من نفر عن الضد واتقى.. والله ولي المتقين)..
ذكرت كذلك وظائف الأعضاء التي لها علاقة بكل نور وبكل شخصية أو شاكلة، حتى يفتح باب البحث في الطب العام أو التخصصي للتدخل المناسب في الوقت المناسب.. فإن الشخصية أو الشاكلة لو استقامت لاستراحت من الكثير وأراحت معها الكثير... وهذه صورة تقريبية للحروف وأنوارها وعلاقة وظائف الأعضاء بها:
0 Commentaire(s)