* أما حرف الراء:

فلها من الأنوار حسن التجاوز.. وقد سبق معنى هذا النور الرباني العجيب، ولا يأس من إضافة بعض المعاني حتى يفهم هذا السلوك العجيب في حياة الإنسان..

حسن التجاوز: يعني تجاوز الأحوال والنوازل التي يتعرض إليها الإنسان خلال حياته، وإن كان أن هذا السلوك يبدأ من ركن الدين الثاني: الإيمان.. (وللعلم أن للدين أركان أربعة على حسب حديث جبريل الذي لا يخفى على احد) الذين هم الإسلام والإيمان والإحسان وعلامات الساعة... (وهذا الحديث لم يعط حقه في البحث، وهذا تقصير في تبليغ ما بلغه الرسول الكريم عن رب العالمين...)

قلت أن حسن التجاوز يبدأ من "الإيمان بالقدر خيره وشره".. وتنتهي في الركن الموالي بالسير بها والعمل عليها والإيمان بها قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.. فمشروط على العبد المؤمن حسن التجاوز في الأحوال بالأقوال والأفعال، ولا يفرح بشيء ينتهي وينتهي معه أثره، ولا ييأس على شيء فات ولا يرجع، ومكتوب معه نفعه وضرره، وهي تتمة الآية الشريفة: لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ.. لأن فاعل ذلك واقف بنفسه مع نفسه وذلك هو الكبر الذي هو أساس كل مرض في القلب والبدن .. وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ..

هذا بإيجاز شديد معنى نور هذا الحرف العظيم، وظلمته هي الوقوف مع الأحوال والنوازل، وقد ثبت أن كل الأمراض المستعصية كان سببها حزن شديد على ما فات أو فرح شديد بما حل.. أو ما اشتق من هذين السلوكين الشاذين.. فالحزن يأتي بالحسد والكراهية والبغض والكيد... والفرح بالنفس يأتي بالرياء والنفاق والكبر والاحتكار واحتقار الناس... وهذه السلوكات ومثيلاتها من جنسها تؤثر سلبا على: الجهاز العصبي، وهو الذي يتحمل وزرها وتبعياتها، كما ان عكسها من الأنوار كالاطمئنان والحب والإحسان والمساوات... كل هذا ومثله ينتج عن التحلي بنور هذا الحرف العجيب (الراء) الذي هو حسن التجاوز في النوازل بالأقوال والأفعال والأحوال..

اما الجهاز الذي يتفاعل مع هذا النور هو الجهاز العصبي (Système nerveux).. وهو الجهاز البيولوجي المسؤول على التنسيق الحركي مع العالم الخارجي، وكذلك التعامل السريع مع مختلف أجزاء الجسد..

فالجهاز العصبي يسير المعلومات الحسية (les informations sensorielles) وينسق بين الحركات العضلية، وكذلك ينظم مهام الأعضاء... ونحن هنا لا نتكلم على سلامة الجهاز العصبي أو مرضه، ولكنا نتكلم على ما ينقله الجهاز العصبي السليم من إشارات حسب ما يحس به ويبلغه من العالم الخارجي (وتلك الأحداث والنوازل) وكيف يتفاعل معها الإنسان حسب تكوينه الشخصي وبنيته الباطنة، فينقل الجهاز العصبي تلك التفاعلات مع تأثيراتها إلى مختلف الأعضاء في الجسد بالنفع مع المحفزات الإيجابية، أو بالسلب مع المنغصات السلبية..

وللعلم انه بدأت بعض الأبحاث في علم النفس "المتطور" كمسمى علم النفس الشامل (Psychologie holistique) وهو علم أقل ما يقال عنه انه يعتني بنظرة جديدة للفكر وللمادة، وقد أنشأ لها الفرنسي( Frank HATEM) مدرسة في 1985، بناء على اعمال أبيه (Léon-Raoul) الذي كان يشتغل على "المغناطيسية وأصل الذرة) (le magnétisme et l'origine de l'atome)وهي نظرية مودعة في أكاديمية باريس سنة 1955...

انا أذكر هذا للاستئناس فقط حتى يعلم كيف ترقى الأبحاث في الغرب وكيف تجد طريقها للوجود، أما بعض علمائنا فأول ما يسارعون إليه في مثل هذه الأبحاث هو التفسيق والتبديع وأحيانا التكفير...

وأنا أدعو أي باحث غربي ينحو هذا المنحى، وقد ظهرت علوم كثيرة تصب في نفس الاتجاه سواء في علم النفس أو في علوم الكموم كالفيزياء او طب أو أي علم آخر مشابه.. أقول لهم: تعالوا إلى كتاب الله الذي لا ياتيه الباطل، فوالله الذي لآ إله غيره ولا رب سواه، انه سبحانه ما فرط فيه من شيء.. قال تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء.. فقط خذوا نفسكم، وأطرقوا أبواب علم الله العليم الحكيم..

وأقول لمثقفينا على جميع المستويات ولعمائنا في جميع التوجهات.. تعالوا إلى مأذبة الرحمن.. وبلغوا ما انزل إليكم من ربكم على لسان نبيكم، وخاطبوا الناس بلسان قومهم، وبما يعرفون... .

أرجع إلى الجهاز العصبي (لكي نكمل موضوعنا).. وينقسم إلى قسمين:

* الجهاز العصبي المركزي (Le système nerveux central) وهي الجهة العصبية المكونة من الدماغ (encéphale) ويتكون من المخ (cerveau) وجذع الدماغ (tronc cérébral) والمخيخ (cervelet) ومن جهة أخرى من الحبل الشوكي (moelle épinière).. وله دور استقبال المعلومة العصبية ومعالجتها وإرسالها... .

* الجهاز العصبي المحيطي (système nerveux périphérique) ويتكون من الأعصاب الحسية والحركية (nerfs sensitifs et moteurs) الذين يتأصلون من الحبل الشوكي ومن الدماغ (la moelle et du tronc cérébral)، وينتهون في الأعضاء كالجلد والعضلات والأحشاء... وقد سبقت الإشارة إلى هذا سابقا..

وهذه صورة مبينة للعلاقات العصبية على الأعضاء من خلال الحبل الشوكي والدماغ وهي كما يلي في الصفحة التالية:

فشاهدنا في كل هذا هو العلاقة الحسية بين الفعل المعين والعضو المرتبط به من خلال العصب المكلف بنقل التأثير العصبي عليه.. وإن كانت الأبحاث لا تزال شحيحة جدا في الموضوع، إلا في بداية القرن الحالي بدأت بعض الأبحاث القليلة في أمريكا عن ما يسببه الحزن (والبحث كان بخصوص بعض النساء اللائي وصلن سن اليأس...)

وكان بحث آخر في نفس ظاهرة الفزع من أسباب أخرى فأوصلتهم إلى نوبات قلبية.. والفحوصات بتصوير الأوعية(angiographie) لم تظهر أي انسداد للأوعية المغذية للقلب.. والفحوصات عن طريق اختبارات الدم لم تظهر إنزيمات تبين عن عطب في عضلة القلب، وبعد عمل الفحص بالرنين المغناطيسي(IRM) (Imagerie par Résonance Magnétique ) أظهر نفس النتائج.. ولكن القوة القلبية رجعت إلى عادتها بعد أسبوعين.. وهذا خلاف ما يحصل عندما تكون النوبات القلبية المعتادة، فلا يرجع القلب إلى عادته ولو بالأدوية إلا بعد أسابيع أو أشهر.. ويبقى التهديد قائما..

ولكن بعد التحليلات المدققة على الدم، وجدت هرمونات تسمى كاتيكولامين (catécholamines) وعلى الخصوص الأندريالين (l'adrénaline) كانت مرتفعة بمرتين أو ثلاثة بالنسبة للمصابين بالنوبات القلبية وأكثر ب 7 إلى 34 مرة بالنسبة للمعافين..

فما نود توجيه الباحثين المتخصصين إليه هو هذا بالضبط.. وقبله لابد إيجاد من مواد البحث التي هي موجودة في نصوص كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، وفي سنة الرسول الكريم الذي أرسله الله رحمة للعالمين... .

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire