الآية الأولى من آيات الشفاء الست:

إذا رأينا إلى الآية الآولى نجدها في سورة التوبة، ونصها: وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ.. ولا يمكن الحكم على الآية هكذا إذا كنا نريد استنباط الأحكام منها، وتعتبر الآية بمثابة صدر للمعنى، أو مبتدأ بالنسبة للمعنى البلاغي، وعجزها أو خبرها فيما يلي من الآية: وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ.. وهكذا يستكمل المعنى من "شفاء الصدور" والمقصود به "إذهاب غيض القلوب".. وإن كان لكلمة "غيض" القلوب معاني على في قواميس اللغة إلا أن معناها على الأنوار يفي بالغرض بالتشخيص المطلوب وهي كما يلي:

الغين لها كمال الصورة الظاهرة، والياء لها الخوف من الله، والضاض لها قول الحق وفعله...

ومن نظر مليا إلى التشخيص النوراني في الكلمة يجد له دلالات علل مبنية على دقة علمية تليف بكتاب الله العزيز، والمعنى أن العلة سببها أن الحق قل في الشخص أو الأشخاص، فلم يسع صدره ولم يتسع قلبه لتحمل الخوف التام من الله عز وجل وبهذا اضطربت صورة القلب الخلقية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تفي بالمهام الربانية المسنودة لها، ولهذا دل المعنى العربي بغيض على القلة كقوله تعالى: وغيض الماء.. وقوله تعالى: وما تغيض الأرحام...

ومن تأمل سورة التوبة (وهي السورة الوحيدة التي لا تبتدأ بالبسملة) ولها أسماء أخرى منها سورة براءة لما ابتدأت به من آية، وسورة القتال لما ذكره الله من قتال الكفار فيها، وما فضح به المنافقين... والسورة مدنية ولا تخفى على أهل الاختصاص في القرآن والتفسير والسيرة النبوية...

أما ما يهمنا من الجهة الطبية أو الشفائة، فهو أن هذا النوع من التشخيص للقلب يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار قبل كل تشخيص آخر، فلا بد أن يجتهد الطبيب في معرفة سبب غيض القلب عند المريض (ويجب أن تحلل السورة تحيلا علميا سلوكيا حتى تعرف العلل كلها من الأمثلة الواردة في هذه السورة الجليلة)... أما الشفاء ففي الكلمة الوادرة في الآية المخصصة: وَيَشۡفِ.. وهي ثلاثة انوار:

الياء : لها الخوف من الله حتى يسترجع القلب صورته الكاملة ويقوى على مزاولة مهامه الإحساسية والقرارية..

الشين: لها القوة الكاملة في الانكماش، فإذا استرجع القلب قوته زكى قرار العقل في التوقف عند المحذور وأعطاه قوة العزم عند القرار..

الفاء: لها الحمل للعلوم، والمعنى أن السلوك القلبي في الياء، والعقلي في الشين إذا استقرا حملا عمل الله على أكف الأمانة وانتفع العباد والبلاد... .

هذا يإيجاز شديد أحاول أن أسلك به هذا النوع من التشخيص الرباني حتى يستفيد منه المتخصصون والله الموفق..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire