الدلالة على الأطعمة العلاجية في القرآن:

السورة العظيمة تسمى "سورة التين"، وقد اختُلف في معاني "وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ"، فمنهم من سماها بذاتها (فاكهة التين وخضرة الزيتون) ومنهم من وجد لها مجازا كقولهم أن التين مسجد معين أو جبل معين وكذلك الزيتون، وهذا يستفاد منه أولا أن تأويل الصحابة لم يكن من فراغ، وهو بعيد كل البعد عن الخطأ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كل هذه المعاني واردة، وإن كان الارتباط مع التأويلات ارتباط أصل أو تشابه أو دلالات... وهذا يتعذر البحث فيه والتحقق منه، ولكن إذا نظرناه من الزاوية التي نبحث فيها، والمعنى المستنتج من الآية التي نحن بصددها، فلا بد أن يكون للتين والزيتون علاقة بمحطة الإنسان في هذه السورة بين النقيضين: خلقه في أحسن تقويم ورده إلى أسفل السافلين، والاستثناء في الذين آمنوا وعملوا الصالحات... وعلاقة ذلك بالحكم على أسرار الدين والدلالة على أحكم الحاكمين!!!...

في الواقع من يتأمل الآيات وتسلسلها في هذه السورة العظيمة، يجد معادلات علمية وأسرار حكمية ودلالات ربانية، تجمع بين تقويم الإنسان وميزان تقييم مكانيته، والحذر من أسوئها وأسفلها وتشخيص خطورتها، والدلالة على آليات ورافعات أعمالها، ومرجع ذلك دلالة وبيانا واستدلالا بالدين واستهداء بتوجيهاته القيمة، التي هي توجيهات أرحم الراحمين وهدايات أحكم الحاكمين وعناية رب العالمين بسائر المخلوقين..

وإذا أردنا أن نربط المعلومات المذكورة في السورة الشريفة بعلاماتها والمدلولات بدلالاتها، فإننا حتما سنخرج بنتائج علمية ربانية لا مخرج للإنسان المدحرج إلى أسفل سافلين إلا بها، ولا حصانة للتوفق في أحسن تقويم إلا بمراقبة أماراتها واتباع إشاراتها.. فلننظر السورة من الوجهة الظاهرة للغة ونحاول ان نربط بين المعاني..

فهل لمكونات فاكهة التين التي تنظج بين الصيف والخريف، وخضرة الزيتون التي تنضج في عمق فصل الشتاء والبرد، وما علاقتهما يتوقيم الإنسان الغذائي والصحي، وما علاقة ذلك بالمزاج والقرار والاستقرار والثبات والمبدأ؟؟ وما علاقة ذلك بالموسع قدره فأطلق العنان لنفسه وبذر، وعلى المقتر قدره فحرم وأقتر؟؟؟

أسئلة فقط أضعها كفرضيات للبحث، والجواب عليها يلزمه عوص عميق في مكونات المواد، ومراقبة أحوال الناس فيها بالمتابعة والإشهاد.. ولكن لنستغل ما بين أيدينا من معطيات (وإن كانت أولية، وشحيحة) لعل الباحثين يهتمون بخطوط البحث المجدية (وإن كانت هذه الأمكانيات لم تعد في طوق أصحابها) ولكن على الأقل أن نؤمن بالآية وبالسورة، ونعرف على الأقل أبعاد ما ذكر في كتاب الله من المعاني توجيها للعباد..

وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ.. قال المفسرون أن الواو للقسم (فنقول أن التأويل تقريبي) ولكنها على الأنوار تدل على الموت في الحياة، ومعناها الالزام بما يأتي بعدها والثبات عليه، ويمكن أن نسميه أمرا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المقصد منه إتيان الأمر وعدم الغفلة عنه، وهذا لا يمكن فهمه إلا إذا امتثلنا لأمر الله كما ورد في الآية السابقة: فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ.. فللنظر ولو بعجالة إلى ثمرة التين وما لها من فوائد..

التين (وَٱلتِّينِ): هي الفاكهة المعروفة من شجرة التين المعلومة، ومن هي من الفصيلة التوتية، تصلح كثيرا في حوض البحر الأبيض المتوسط وتزرع فيه منذ آلاف السنين.. ويعتبر التين أقدم مأكول استهلكه الإنسان وادخره، وحسب الباحثين عرف قبل القمح بحوالي 1000 سنة، ويعتقد أنه عرف في الوقت الذي عرف فيه الأرز في آسيا والدرة... .

وعرف في التين فوائده الغذائية منذ القدم، وفي السنين الأخيرة بدأت الأبحاث تنجذب في هذا السياق (وإن كانت شحيحة) لكن لها من الأهمية ما يجلها، منها دراسة من معهد الوقاية من الأمراض في جامعة جورج واشنطن، والتي تبين أن التين لا يمكن الاستغناء عنه حيث يعتبر مصدرا غنيا بالألياف النافعة، والاعتماد عليها يغنيك عن المواد الخطرة الأخرى التي تضر بالصحة ولا تنفع، وهذا نفيد جدا للصحة، ويجب هذا طوال حياة الإنسان!!!..

ويضيف مصدر آخر في كاليفورنيا حسب مجلسها الاستشاري حول التين: أن مضادات الأكسدة (antioxydants) التي توجد في التين لها تأثير قوي ضد الجذور الحرة (les radicaux libres) الناتجة من التفاعلات الكيميائية في الجسد، أو على الأقل تطردها خارج الخلية، وبهذا تحافظ على الخلية وتحول دون تدميرها... وفي دراسة أجريت في جامعة سكرنتن (Scranton) أن التين المجفف يحمل كمية من الفينول التجميلي (phénol de cosmétique) الغني بمضادات الأكسدة أكثر من أي فاكهة أخرى، والمعلوم أن هذا الفينول له خاصية في التطهير (antiseptique) وقتل الكائنات الحية الدقيقة (détruire les micro-organismes)..

وفي دراسة أخرى أجريت في "نيو جرزي" على أن التين بفضل حمض أوميكا 3 (omega-3) و اوميكا 6 (omega-6) والفينولات، فإن للتين المجفف فائدة كبيرة في نقص نسبة الكلسترول في الجسد.. والمعلوم أن الأحماض أوميكا 3 أو 6 لا ينتجها الجسد، ومصدرها الوحيد من التغذية، ولها أهمية بالغة في السير الجيد لأعمال القلب والعقل وكذلك الجهاز العصبي.. فالبيتوستيرول يسهل إبعاد الكلسترول من الأصل الحيواني، ويمنع دخوله إلى الدورة الدموية، وكذلك يقوي صلابة الشرايين التاجية.. وهكذا أصبح الباحثون يعتبرون أن التين أقدم وأنفع فاكهة عرفها الإنسان ...

وإذا ذكرنا مختلف المواد النافعة والفعالة في التين فإننا نجد كما هائلا من المكونات نبينها بين التين الطري والتين المجفف لعموم الفائدة وهي كما يلي:

 

القيمة الغذائية للتين في (100غ)

الطري

الجاف

السعرات الحرارية (calories(Kcal))

74

249

الألياف (Fibres)

3 غ

10 غ

الذهون (Graisses)

0 غ

1 غ

بروتينات (Protéine)

1 غ

3 غ

فيتامين A (Vitamine)

142 غ

10 غ

فيتامين C (Vitamine)

2 مغ

1.2 مغ

فيتامين B1 (Vitamine)

0.1 مغ

0.1 مغ

فيتامين B2 (Vitamine)

0.1 مغ

0.1 مغ

فيتامين B6 (Vitamine)

0.1 مغ

0.1 مغ

صوديوم (Sodium)

1

10

بوتاسيوم (Potassium)

232

680

كالسيوم (Calcium)

35

162

فسفور (Phosphore)

232

67

ماغنيزيزم (Magnésium)

17

68

الحديد (Fer)

0.4

3.07

منغنيز (Manganèse)

0.1

0.8

نحاس (Cuivre)

0.1

0.3

سيلينيوم (Sélénium)

0.2

0.6

زنك (Zinc)

0.2

0.5

 

باختصار شديد هذا ما يتعلق بهذه الفاكهة العجيبة اما الزيتون وزيت الزيتون فقد سبق ذكرهم سابقا فلا فائدة في التكرار، ومن تأمل المواد الفعالة في هذين المادتين الغذائتين التي دلت الآية العظيمة عليهما فإنه يظهر له مدى فعاليتهما من الناحية الغذائية أولا ثم من ناحية محاربة التأكسد في الجسم، بل في كل مكوناته الدقيقة...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire