آيات الشفاء في القرآن:

لابد من إلقاء نظرة على موروث رباني تعلمناه من الناس، وهي آيات الشفاء في القرآن الكريم، وما لها من الأسرار في إشفاء الأسقام والعلل..

إنها آيات ست كما يعلمها الجميع، وتكلم عنها جميع من كان له الشرف في الاهتمام بأمر المسلمين، وهي تستعمل بشتى الطرق، منهم من قال تقرأ سبع مرات لكل آية، ومنهم من أضاف معها بعض الآيات الأخرى، ومنهم من أضاف بعض الأدعية الصحيحة... وكل هذا جيد ومفيد، ومُرجعٌ إلى الله تعالى، والشفاء بهذا لا شك فيه ولا خلاف خصوصا إن كان المريض تتوفر فيه شروط الدعاء بصدق التوجه واليقين الجازم في الله أنه سبحانه قادر على ذلك...

وهذا إن رأيناه من زاوية علمية ربانية، فإننا نجد أنه سبق في بحث أسيوي(ياباني) ويعتبر مؤسس نظرية تبلورات ذرات الماء.. يسمى الياباني "ماسارو إيموتو".. كل ما في الأمر أن الماء إذا قيل أمامه كلام طيب وتجمد فإنه تظهر فيه بلورات جميلة ترى بالمجهر الإلكتروني، والعكس إذا قيل شيء قبيح كاكرهك أو سأقتلك أو شيء من هذا القبيل فإن البللورات تسود وتأخذ أشكالا مقززة..

حصل للباحث كثير من الانتقادات خصوصا من الأمريكيين، من حيث تخرجه من جامعة هندية في الطب البديل غير معترف بها، وأصل دراسته في اعلاقات الدولية، وأن ما يقوله ادعاء لكي يبيع الماء المتجمد للناس، والمعلوم انه اشتغمل كرئيس لمؤسسة الماء من أجل الحياة الدولية، وهي منظمة غير ربحية ومقرها في أكلاهوما الأمريكية، وكان رئيسا لمؤسسة علمية يابانية!!!..

وهذه الرودود اللامبررة أصبحت الآن متجاوزة خصوصا عندما أثبت الفيزياء الكمومي مكونات الذرة ومكونات مكوناتها ما أصبح يسمى نظرية الفتيل، او نظريات الأوتار (Théorie des cordes) وهي هذه الأوتار الطاقية التي يتكون منها كل شيء موجود حتى أصبحت تسمى نظرية الكل (Théorie de tous)، وهي النظية التي كانت أرهقت أينشتاين حتى تجاوزته العلوم وهلك دون فهمها.. وتقدم البحث بعد ذلك فوجد أن هذه الأوتار تشكل مع بعضها عوازل (Membranes)... وهذه المكونات لا يحكمها قانون الجاذبية والانجذاب المغناطيسي... والأمثلة بيّنة في ذلك لا تحتاج إلى دلائل كالحكم على الصدى في السمع أو الأثير في البصر أو الاهتزال الباطني في الخشوع أو الخوف او الأمل... وهذا ملخص الموضوع الذي نبحث فيه.. فالنظر طاقة والسمع طاقة والفكر طاقه والفعل طاقة والقول طاقة والحال طاقة، وهي طاقات بعضها فوق بعض بعض، وكل منها يتبع أصله وفصله ونفعه او ضرره، وهذا هو المقصد الكبير من الفهم الديني وممارساته النافعة والصالحة قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا.. ويضيف سبحانه: وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا، كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا... إذن كل عكسه من الأنوار وحسنه من عمل الأخيار حسنه عند ربك مقبولا ومكروما...

فالكلام طاقة، إن قيل حسنه على الماء أظهر عليه حسنه، عرف منه الآن البلورات، وعرف في فيزياء الكموم "ذاكرة الماء"، وذلك أن الماء يحتفظ بذاكرة ما وضع فيه حتى ولو أزلته منه ونقلته إلى مكان آخر فإنه يبلغ ذلك بطريقة تليق بمكوناته... وقد ثبت في كثيرمن التجارب أن بعض الموسيقى على المياه الفاسدة أصلحت من شأنه، وبعض الموسيقى أصلحت من شأن بعض النبات المصابة بالفطريات.. وعندنا في الإسلام أن النبي الكريم عند وجوده في أي مكان كانت تخصب الأراضي وتدر الضروع... وكذلك الأمر بوجود بعض الصالحين، وبكلامهم ومداخلاتهم في النزاعات والخصومات... وهذا لا ينكره إلا جاهل أو مجادل...

فإذا كان الكلام الجميل فقط يؤثر إيجابا في الماء الطاهر، فكيف إذا قرئ قرآن، وكيف إذا قرئ بنية وصدق.. وكيف إذا اختير من القرآن على حسب القراءة (النور الذي نزل به)، وكيف إذا فهم منه أسرار وأنوار... .

الفائدة حتما تكون، ولكنها تكبر على قدر فهم العبد لها ويقينه بها وتوجيهه بما فيها... وهذا الذي يجب البحث فيه والترقي به.. فإن لم يجد العبد في هذا فائدة فقد تعوزه المستقبلات النورانية، أو طمست فيه المتلقيات الربانية، وكما يقال:

قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم

كان من اللزوم التطرق إلى بعض الجوانب العلمية حتى يتوضح الأمر ...

فهل قراءة القرآن تنفع المريض؟؟ أكيد انها تنفعه.. وهل الدعاء ينفع؟؟؟ نعم وقد اعتمدت كثير من الكلينيكات الخصوصية في الغرب دعاء أهل الدين (من مختلف الديانات) إذا كانت عملية صعبة، فإنهم يخبرون رجال الدين بالتوجه بالدعاء في الوقت المعلوم، ويقول الأطباء المكلفون بالعملية أنها تحصل أمور غير طبيعية في نجاح العملية.. وهذا معلوم في الأوساط الطبية.. فكيف بدعاء صالح وتقي.. وقد ثبت أن ملك من ملوك العرب (في هذا العهد) أنه كان يعاني من ألم ما، ويأتي بشيخ ما فيقرأ عليه فاتحة الكتاب، فيحصل للملك راحة كبيرة، ولما توفي الشيخ، اتوه بشيخ آخر وقال له أن فلان مان يقرأ الفاتحة، فقرأ الشيخ الثاني الفاتحة، فلم يحصل تغيير على الملك!!!.. وهذا ما نركز عليه في البحث الرباني (وهو ما يسمى برفع الإيحاء عند الطبيب أو المعالج) وقد سبق التطرق إليه في ما سبق..

اما قراءة آيات الشفاء في موضوعنا فهي نافعة ولا شك في ذلك.. لكن يبقى الأمر متوقف على القارء، وكذلك على المقروء عليه، وعلى حسب وسلاليم الارتقاء بالنية والصدق تكون النتائج متفاوتة إيجابا أو سلبا... وعلى العموم فإنها نافعة ولا شك، لأن المريض في أشد الحاجة، وهذا السبب يجعله مؤهلا لذلك..

أما الذي نود أن نظيفه إلى أنوار آيات الشفاء فأسرار أخر، من فهمها يفهم معها مختلف انواع الشفاء الواردة في كتاب الله تعالى وتخصصاتها في مختلف المواقع التي وردت، وذلك إن شئت قل: مختلف الشفاءات لمختلف الأمراض والأعراض.. بحيث لا يغيب منها شيء.. والله الموفق..

وردت آيات الشفاء في ست مواقع من كتاب الله الذي لا ياتيه الباطل، وكل موقع يعالج نوعا معينا من الأمراض ويدل على رقائقه ودقائقه، وما يترتب عليه قبل ذلك وبعده.. ونأخذ ترتيب الآيات حسب الأولويات الطبية والنفسية..

1) قال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ.. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا، يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ..

وقد سبق الكلام على هذه الآية العظيمة، ودلالتها على عسل النحل، وفيه حقا شفاء "للناس" لكل الناس على اختلاف مشاربهم ودياناتهم، وقد وردت أحاديث تؤيد هذا القول في الشفاء، وهي معلومة لا تخفى على أحد...

لكن الذي لم يُتنبه إليه: هو تدبر معنى الوحي الذي أوحى الله به إلى النحل حتى تنتج هذا الدواء العجيب المختلف ألوانه (شكلا ومضمونا) مختلف ألوانه من حيث الشكل والطبع والذوق، ومضمونا في حيث المقصد الطبي (وقد تطورت بعض الدول مثل روسيا في إنتاج أنواع العسل لمختلف الأمراض بتحسين توجيه النحل إلى الأعشاب المقصودة للمرض المراد علاجه)..كتوجيه النحل إلى الرعي في الأعشاب التي تحوي على مضادات حيوية كالزعتر وإكليل الجبل أو الخزاما... أو توجيهها إلى الأعشاب المحتوية المضادات الهيزتامينية أو فيتامين س لإنتاج عسل ينفع للزكام، أو توجيه النحل إلى أعشاب حارة أو محتوية على الأنسولين العشبي فتنفع في أمراض السكري... وهكذا..

فلو حاولنا تطوير البحث إلى ما هو أبعد من ذلك في فهم كلمات الآية العظيمة، من خلال اللغة العربية ومن خلال النحول والتركيب وكذلك من خلال أنوار الحروف في معنى كلمات الآية مثل: أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ.. فما هو الفرق بين الشجر وبين ما يعرشون.. وما هي مواصفاته الحقيقية.. ومعنى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا.. وهذا هو المنهج الذي تشتغل به النحلة( ويقاس عليه طريقة عمل الأدوية أو تهييؤها بما يجب وكيف يجب) يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ.. فإن توفقنا إلى حل هذه الرموز وكشف هذه الأسرار فإننا حتما نتوصل إلى صناعة أدوية ربانية (مختلف ألوانها، تنفع لكل مرض) بوحي إلهي أوحاه الله إلى النحل، لكي يكون لنا قدوة في اتباع الوحي الحقيقي في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله..

لهذا يجب بحث مفصل لجعل كل الفرضيات وقياسها بالأنظمة الدوائية الحالية ومعرفة مدى معوقات التوصل إلى الأدوية الطبيعية والحقيقية النافعة (التي فيها شفاء للناس)...

2) الآية الثانية وهي أدق في الاهتمام بالمرض الذي يصيب الإنسان من تقصيره في اتباع الهدى وإفراطه أو تفريطه في الإطعام والشراب، وقد سبق كذلك التطرق لهذه الآية العظيمة في هذا البحث بتفصيل وهي قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ.. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ.. وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ.. وهذه الآية المقصود بها الناس عموما والمؤمنين خصوصا، لكنها لا تنفع إلا لمن توفرت فيه الأنوار وشورطها سواء في الوقاية من المرض أو للشفاء منه إذا وقع وحصلت الإصابة.. وهذا ما نحن فيه..

إذن علمنا ان الآية الآولى للناس كافة، والثانية للناس عامة وللمؤمنين خاصة، اما الآيات الأربعة المتبقية فهي مخصصة للمؤمنين فقط، يكون فيها الشفاء من الأسقام والعلل النفسية مدخلا لمراقي الدين الخصوصية..

3) الآية الثالثة من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.. فمن خصوص الناس من يتبع الموعظة الربانية فيدخل في الدين.. ومن دخل في الدين تأهل أن يشفى صدره من العلل المانعة للهداية الحقيقية والرحمة الربانية وهذا يخوله أن يكون من المؤمنين...

4) الآية الرابعة في الأمراض النفسية التي تكون حجرة عثراء للإنسان أن يرجح الحق فيتبعه ويعرف الباطل فينبذه ويبتعد عنه، وهذا كله موجود في كتاب الله الذي لا ياتيه الباطل قال تعالى: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا .. وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا... فإذا آمن العبد بالقرآن العظيم عرف الحق من الباطل، وإن اتبع ما علم من الحق استحق الرحمة الربانية وكان من المؤمنين.. والعكس لمن كذب وتولى فلا يزيده إلا ظلما لنفسه وخسارة لها...

الآية الخامسة، وتزيد المهتدين هدى، وتفتح لهم من الحواس ما يعينهم على فهم الحق واتباعه والهدى والامتثال به، فيزداد العامل بالقرآن هدى وشفاء، قال تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ.. وأما الذين حرموه فتصم آذانهم وتعمى أبصارهم.. وهذا نور التاء الذي سبقت الإشارة إليه واستحق بها أمراضه..

الآية السادسة، تتعلق كذلك بمراقي الإيمان، وتبين كذلك بعض عوارض القلوب كالغيض مما يفعله الكفار والمنافقون قال تعالى: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ .. وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ .. وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ.. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ...

هذا بإيجاز شديد بعض من المعاني التي تبين مواقع آيات الشفاء وأسرارها وانوارها، والمقصود بذلك هو أن يفهم المؤمن أي نوع من الأمراض يريد علاجه، فإن استقام فهمه ونجح تشخيصه، فإنه يسهل على الشفاء، والوصفة من الله وحده، الذي يعرف السر وما يخفى.. هو الذي خلق فسوى، وهو الذي قدر فهدى...

أما الآن فيحق لنا أن نناقش نوعا من انواع الشفاء الواردة في كتاب الله تعالى، وهو النوع المخصص لجميع الناس (البرّ فيهم والفاجر والمؤمن فيهم والكافر والغني منهم والفقير والكبير منهم والصغير)، وهذا بعدل الله لعباده، والحق فيه لكل أحد تماما كالغذاء والهواء، بشرط أن يتبع الأنوار الظاهرة الواردة فيها، وقد سبق أن للأنوار كذلك ظاهر وباطن، وهذا يعرفه الفقهاء والأصوليون في حق التعايش مع غير المسلمين في بلاد المسلمين، فلا نطيل فيه الكلام وفي كتاب الأنوار فهو مفصل لمن أراده... وذلك قوله تعالى: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ: يَشْفِينِ.. وانوارها كما يلي:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire