من أكرمك إنما أكرم فيك وجود ستره، فالحمد لمن سترك ليس الحمد لمن أكرمك و شكرك.

      قلـت: إذا كان الحق تعالى تولى حفظك برعايته، و ستر مساويك بستر عنايته، فغطى وصفك بوصفه و نعتك بنعته، ثم توجه الناس إليك بالتعظيم و التمجيد و التكريم، فاعرف منة الله عليك، و انعزل عن شهود نفسك، فمن أكرمك، فإنما أكرم فيك جميل ستره، فلولا فضل الله عليكم و رحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا، و لولا فضل الله عليكم و رحمته ما زكى منكم من أحد أبدا، فالحمد في الحقيقة إنما هو لمن سترك، لا لمن أكرمك، إذ لو أظهر للناس ذرة من مساويك لمقتوك و أبغضوك، فاشكر الله على ما أسدى إليك من الكرم، و غطى عليك من المساوئ التي توجب أنواع الإذاية و النقم..

   قال الشيخ زروق رضي الله عنه: إذ لولا ستره عن المعاصي ما كنت مطيعا، و لولا ستره فيها لكنت مهانا عند الخلق و مخصوصا بالمقت بينهم، و لولا نعمة ربي لكنت من المحضرين، فالخلق كلهم إنما يتعاملون بينهم بستر مولاهم، و لو خلا بعده من ستره لأبغضه أحب الناس إليه، و لآذاه أشفق الخلق عليه، و لأهلكه أرأف الناس به، و لله در القائـل:

يظنون بي خيرا و ما بي من خير

و لكنني عبد ظلوم كما تــدري

سترت عيوبي كلها عن  عيونهم

و ألبستني ثوبا جميلا مــن  الستـر

فصاروا  بحبونني  و ما أنا بالذي

يحب   و لكن   شبهوني   بالغيــر

فلا  تفضحني في  القيامة   بينهم

و كن لي يا مولاي في موقف  الحشر

   و لما بلغت الإذاية كل مبلغ من حبيب الله صلى الله عليه و سلم، ما زاد على أن قال: " لا غنى لي عن عافيتك، عافيتــك هي أقرب لــي" الحديث /.

   و سيأتي التقسيم في شهود الخلق في حالة النعم، و أن الناس على ثلاثة أقسام، قوم عوام لا يشهدون إلا الخلق، و قوم خواص لا يشهدون إلا الخالق، و قوم خواص الخواص يشهدون الخالق في الخلق، و الموسوط في الواسطة، فيعطون كل ذي حق حقه كما سيأتي مبينا إن شاء الله تعالى..

 

   خيرمن تصحب مولاك

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire