نظرية الأوتار(Théorie des cordes)

نظرية الأوتار، أو نظرية الأوتار الدقيقة كما تسمى بالإنجليزية (Superstring theory) أو نظرية البنية الفوقية، وهي النظرية العلمية التي تجمع بين الكائنات المتناهية في الكبر كالأرض والجبال والبحار وما حولها والكواكب والنجوم وما بينها... و الجسميات المتناهية في الصغر كزيئات الذرة ( النوترون والبروتون وجزيئات الضوء كالفوتون...)باعتبار أن كل ما تناهى في الصغر هو جزء لا يتجزأ من هذا الذي تناهى في الكبر.. وبالتالي كل ثبات وتأصيل في المتناهي في الكبر هو نابع من ثبوت هذا المكون المتناهي في الصغر، والعكس...

أما تسميتها أوتارا (cordes) فقد قاسوها على أوتار الآلة الوترية (الكمان) في انبعاث الأصوات، فعلى قدر تعدد الأوتار ومواقعها وطريقة تحريكها تنبعث منها أصوات لها أصل بين موقع الوتر وخبرة العازف ومقصده في الفعل، فتخرج ذبذبات سمعية تختلف بين الرقيق والخشن والمطرب والزعج...

كذلك قياس الأقوال والأفعال والأحوال عند الإنسان وعند غيره من الكائنات والمكونات... وأدق من ذلك، هو أن ما يتكون منه الإنسان من مكونات دقيقة وكذلك الكائنات الأخرى من مواد وعناصر، وكل ما يتحرك به وفيه وعليه من تفاعلات وإحساسات وقرارات... فمن الطبيعي أن تكون تأثيرات مادية ومعنوية من الإنسان أو عليه وكذلك على محيطه كالجاذبية والكهرومغناطيسية والتفاعلات الضعيفة والقوية...

فالعالم من منظور الكموميين مكون من هذه الأوتار المتناهية في الصغر، وعليه يقولون أن أن العالم هو بمثابة "سنفونية كونية" إلا أن للواقع من الجدية ما يرفعه عن اسم "وتر" ولكنه أقرب ما تكون إلى "حِسّ"، لأن الإنسان يجده (إن كان مؤهلا لذلك) بغير الحواس الظاهرة المعتادة.. أو بلغة قرآنية يسمى "قطمير" مصداقا لقوله تعالى: وَٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ
.. وهو هنا متعلق بالأمور المادية المهانة، كما عبر عنها المفسرون أو اللغويون بلفافة تكون بين النواة والتمرة (فلا هي من النواة فتترك ولا هي من الثمر فتهلك) وتزيد في التعربير البعضية في " ف " مِن قِطۡمِيرٍ " هو ما يملكه الذي يدعى من دون الله (إذن هو لا شيء يرى ولا شيء لا يرى).. اما من أحال الكلمة على الأنوار بإنه يظهر له آخر، ومعناه أنه شيء يدرك بالبصيرة وله عهد بالتمييز وله علاقة بالنفع وهو وسيلة مرتبطة بالخوف من الله تعالى وأداتها حسن التجاوز في الأقوال والأفعال والأقوال...

كما أن للوتر عند الكمومي مرادف آخر رباني هو "فتيل" لقوله تعالى: أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ
وَلَا يُظۡلَمُونَ فَتِيلًا
.. والآية هنا تدل على المعنى الحقيقي للكلمة، والعلماء يصفون هذا الأثر الذي يحسبونه بالعمليات الدقيقة أشبه ما يكون بفتيل طاقي أو ضوئي يسبح ويتأرجح في كل الاتجاهات، تارة معرج وتارة مستقيم وتارة مستدير.. ويقدر العلماء أن الذرة لو كانت كالمجموعة الشمسية التي نحن فيها، لا يتعدى "الفتيل" أو "الوتر" فيها حجم شجرة...

والفتيل من رآه بالمقياس النوراني للحروف يجده يدل في معناه على: حمل العلوم وحفظها من العبث، وأداتها كمال الحواس الظاهرة، ووسيلتها الخوف من الله عز وجل، وغايتها العلم الكامل...

ومن تأمل هذه المعاني يجدها مطابقة لما خلق من أجله هذا المخلوق الإنسان، ومسايرة لضبط النظام في هذه الأكوان والحق سبحانه وتعالى يقول في حق نبيه الكريم: وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ.. ويقول سبحانه في هذا الكتاب الذي بعث به بشيرا ونذيرا: وَإِنَّهُۥ لَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ..

فالفتيل هو وحدة وحدة القياس الربانية، وكتلته في الأقوال هو الحرف أو الكلمة أو القول، وكتلته في الفكر هي الفكرة أو الخطرة، وفي النظر هي اللمحة أو الطرف أو النظرة، وكتلته في الأفعال مثقال الذرة، وكتلته في والأحوال هو ميل أو إحساس أو وِجد...

وكما هو معلوم في أنوار حروف القرآن أنه للإنسان حواس ظاهرة وحواس باطنة.. أما الحواس الباطنة لها مجسات معنوية، وهي أدق وأرق من مجسات الحواس الظاهرة في السمع والبصر والشم أو الذوق أو اللمس... وهذه الأوتار 'الحسية" لها من التأثير على ظاهر وباطن الإنسان في الحين والحال وبالمباشر.. ولا يوجد أحد لم يجرب منها أكثر من حالة في حياته، فالفرد يكون في حالة انسجام مع نفسه ومحيطه فتأتيه مكالمة تلفونية على حين غرة بخبر سيء، فتراه اكفر وجهه وحلت محل الابتسامة نقيضها وبدل الفرح ضده وبدل الاستقرار عكسه (وربما يقع من طوله أو يغيب عن حسه)... وآخر يكون في شغله أو فسحته أو راحته فيشرق عليه خبر أو يهلل عليه أحد محب، فتراه انشرحت أعضاءه وتحركت فرائسه بالفرح.. وكانه سقي بماء الحياة أو حقن برحيق السعادة...

هذه بعض من كتلات وحدات الفتيل أو الوتر في الأقول والأفعال والأحوال، التي لا يجرؤ أحد أن ينفي علاقتها بأعضاء الإنسان الظاهرة، فماذا يحصل للأعضاء الباطنة على مستوى الهرمونات ومفرزاتها والخلايا ومكوناتها والأنزيمات وكيمياءاتها؟...

فهذه الأمور لا يجهلها إنسان لكن أسرارها لا تدرك إلا بالترقي في معارج الإيمان، فكيف تكون وطأة القبض سهلة على الصابر ويسيرة على المحتسب لله وخفيفة على السائر إلى الله ولا أثر لها على الموقن بالله... وما هي مستقبلات هذه السلوك، ومن يمثلها من الأعضاء الباطنة والظاهرة... كيف يسمع الخبر السيء في الأذن، فيُصفى في العقل وتزول شوائبه، ويمر إلى القلب ويعاد تحليله وتعاد برمجته... حتى يرجع خبرا تنور به الأذهان وتثبت به الأركان ويزيد في الإيمان!!

إن لم يكن هذا من جذور الدين فما هو الدين؟؟؟ وكثير من الفيزيائيين الماديين ينكرون الوارد لقلة فهمهم عن الدين من جهة (وهذا لا يعاب عليهم بل العيب فينا لأننا لم نبلغهم بلغتهم ما لهم الحق فيه من رحمات ربهم) ومن جهة أخرى أن هذه المكونات (الفتيل أو القطمير أو الوتر الدقيق) منتهية في الصغر، ولا يمكن مراقبتها والاستدلال عليها بالأدوات العلمية الحالية، وعليه يقول بعضهم أن هذا العلم لا يحتسب على العلوم الفيزيائية وبعضهم يقول أنها محض فلسفة..

وكل مؤمن يعلم أن هذا من حقائق علوم الدين، أو هو من الأصول الفاعلة في انعكاس علوم الدين بالنفع والصلاح على الفرد وعلى المجتمع، لأنها أصل لكل الأفعال وتفاعلاتها وكل الآثار ومؤثراتها وإلا فما معنى قوله تعالى: وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا يَخَافُ ظُلۡمٗا وَلَا هَضۡمٗا.. وقوله تعالى: فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ.. وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ.. فالعمل هو كتلة فعلية وعملية، هي ضعيفة بمفردها، وقوية ومسنودة بكتل النية فيها، وذلك إنقاذها من الفساد إلى الصلاح، وترشيدها من الكفر إلى الإيمان... فواهم من ضن أن كتل العمل لا حمل بمحامل الصلاح ولا ترفع بمرافع الإيمان، فإن توفرت شروط العمل فلا يظلم العامل في قصده ولا يهضم في مقدار عمله... .

نظرية الأوتار في فيزيائية أو الفتيل في ميزان الأعمال والأحوال هي من طبيعة فيزياء الكموم.. صحيح أن العلم لا يزال في بدايته أو قل في طريق تخصصه، وقد آن الأوان أن تعرف الأبعاد الحقيقية للعلم، وقد سبق لنظرية "الأوتار أو الفتايل" أن وجد لها 26 بعدا اختزلت في عشر معلومات عند الفيزيائين هي:

الطول والعرض والارتفاع، وهي أبعاد معروفة من القدم، والبعد الرابع هو حيز الزمن وقد أضافه أينشتاين.. أما السبعة الأخرى فهي أبعاد كونية محسوسة (افتراضية) بينتها الحواسيب الكبيرة العالية السرعة والدقة...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire