رفع الإيحاء عند الطبيب:

تطرقنا بإيجاز إلى رفع الإيحاء وبعض معانيه وتأثيراته، ولكن احدا لم يعتبر تأثير الطبيب او المعالج على المرض أو المريض، وربما له أهمية لا تقل عن أهميتها عند المريض، كيف لا وهو الحاذق، وهو الحكيم، وهو المتدخل الذي تنتظر منه الإشارات لتطبيقها والعبارات لتنفيذها.. إنه السيد في المرض، وكلمته تعلو ولا يعلى عليها..

ربما سمعنا قليلا ممن شوفي وحده وبدون تدخل احد، ولكن جل ما سمعناه وعهدناه هو أن أناس شوفوا تماما من عللهم وأمراضهم بتدخل متدخل، سواء من طبيب وصف دواء وهما او من متدخل ديني أو غير ديني، والكلام هنا يطول ولسنا مضطرين إلى جمع حواشيه بقدر ما نحن محتاجين إلى إثبات رفع الإيحاء عند الطبيب المعالج أو المتدخل بنية حسنة..

إذا رجعنا إلى أدبيات الطب النبوي فإننا نجد للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خوارق للعادات الطبية، وإنها إن كانت معجزات ربانية من جهة فإنها من جهة أخرى تؤصل إلى مقومات طب بشري أو ممارسات طبية في متناول البشر، لأنه صلى الله عليه وسلم بشر، وكلما أجراه الكريم الرحيم على يديه الكريمتين فإنما هو سنة تفجرت ينابيعها، يجب اتباعها، وتشريع انفلقت أسراره يجب الاقتداء به حتى تتلألأ انواره...

فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رد عين الصحابي قتادة بن الأكوع، وكانت قد خرجت من مكانها على إثر إصابة بسهم في غزوة أُحد، فعادت إلى مكانها وأصبحت أجمل عينيه وأقواهما إبصارا.. ببركة يده الشريفة الطاهرة..

وثبت أنه بصق في عيني مكرم الوجه علي، وكانت مرمودة، فشفاه الله من حينه وأعطاه الراية، وكان قد أخبر النبي الكريم قبلها: لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله.. وكان ذلك في فتح خيبر..

ومن أنواره صلى الله عليه وسلم في الطب ما يروى عن يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة..

ومن أسراره صلى الله عليه وسلم في الطب، انه مسح بيده الطاهرة على الرِّجل المكسورة للصحابي عبد الله بن عتيك، وكان قد أرسله الرسول الكريم في مهمة، فبرأت من حينها ومشى عليها من لحظته..

ومن أسراره صلى الله عليه وسلم أنه مرر بيده الكريمة على المحروقة من الدرجة الثالثة او الرابعة فحييت خلايا الجلد للمحروقة من لحظتها، وكذلك مررور يده الكريمة على ضرع النعجة العجفاء فدرت اللبن من حينها وبقيت كذلك 4 أو 5 سنوات ببركته صلى الله عليه وسلم..

هذا في تأثيره صلى الله عليه وسلم على غيره أما في تأثيره على نفسه، فثبت أنه أكل من كتف الشاة المسمومة على يد اليهودية فلم يتأذ منها، ويروى أن بعض من أكل من أصحابة توفي من جراء ذلك، ويروى أنه احتجم، أو كلما أحرم أحس بذلك فاحتجم...

ويروى عنه صلى الله عليه وسلم انواع عجيبة من التشخيص والنظر إلى المرض والتدخل فيه، ذلك أن رجلا ضريرا أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال‏:‏ يا رسول الله أدع الله لي أن يعافيني‏.. فقال‏:‏ ‏‏إن شئت أخَّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك، وإن شئت دعوت‏.‏. قال‏:‏ بل أدع الله لي‏.. قال‏:‏ فأمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يتوضأ ويصلِّي ركعتين، وأن يدعو بهذا الدُّعاء‏:‏ اللَّهم إنِّي أسألك وأتوجَّه إليك بنبيِّك محمَّد نبيَّ الرَّحمة إنِّي أتوَّجه به في حاجتي هذه فتقضى.. وجاء في رواية عثمان بن عمر‏:‏ فشفِّعه فيَّ‏ ‏.. ففعل الرَّجل فبرأ‏..

وكذلك حصل للمصروعة التي كانت تصرع وترمي ثيابها، فأتت النبي الكريم فقال لها مثل ما قال للأعمى، فقالت يا رسول الله أدع الله لي كي لا أرمي ثيابي فدعى لها صلى الله عليه وسلم فما افتضحت بعدها وبقت تصرع إلى أن توفيت...

(فأي نوع من التشخيص هذا وأي نوع من التطبيب هذا؟ والواقع أنها سنة نبوية وتشريع محمدي يجب البحث فيه والاستفادة منه!!!).. أما لمن قال أن ذلك خاص بالنبي الكريم، فهو على صواب، ولا أحد يدرك ما أدركه الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن من الإيمان به صلى الله عليه وسلم واليقين بما جاء به أن يدرك أن تلك محجته وذلك منهجه، فمن كان على شيء منه كان له منه نصيب على قدر ثبوته ورسوخه.. أما وأن يفتى بغير يقين بدعوى الخوف على الإسلام والدين، فهذا لا يقول به إلا مفكر بنفسه وغارق في حسه، فقوله لا يجب ان يتخطاه، وهو غير مجبر للبحث فيه بالإقناع، فإنه يضيق واسعا ويحجر شاسعا..

وكل هذا ذكرناه لفتح باب أعمق في تكوين الأطباء فيما يرفع بهم إيحاءهم، والعكس تماما ما هو متعامل به في الطب العرضي، ونقيضه تماما هو المعمول به فيما ذكرناه من خرق عادات الطب (العرضي) سواء بالممارسات الدينية أو السحرية أو التأثيرية أو الخرافية، و التي لا علاقة لها بالدين او السحر.. وانا اتعمد ذكر الممارسات السحرية إلى جانب الدينية لأهميتها وسوف نشرح ذلك بتفصيل في وقته وأوانه، ولا نقول السحر الأبيض والسحر الأسود، لأن كل السحر أسود، وهذه أقوال غربية لا مكان لها في ثقافتنا ولا في طبّنا ولا في ديننا ولا في عقيدتنا..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire