2) الدماغ الحوفي (Le cerveau limbique)

ويسمى كذلك دماغ الثديات (mammifère) لوجوده عند كثير من الحيوانات.. وهو يغطي العقل الأول (كما يظهر في الصورة) ويبدأ نموه من الشهر الخامس عشر إلى السنة الرابعة..

ويعتبر العقل الحوفي (عرش) الإحساسات، والمركز المسيطر على الجهاز العصبي اللاإرادي (contrôle du système nerveux autonome) وكذلك نظام الأحوال، ويسمونه نظام المكافآت والعقوبات (système de récompenses et de punitions)..

كما يعتبر العقل الحوفي هو الأساس في إمدادات الدم للدماغ، وهو المنظم: للتغذية والنوم والمشي وحرارة الجسم والتوازن الكيميائي فيه، ونبض القلب وضغط الدم والهرمونات، ويعتبر كذلك منظما للأحوال النفسية وحتى للرغبات الجنسية... لأنه يعتبر مركز المتعة والإحساس بالجوع والعطش، وكذلك مركز العدوان والغضب..

فبرنامج العقل الحوفي بكل اختصار هو المقرر بين ما يحب المرء وما يكره، وهو يؤثر كواسطة بين العقلين الآخرين، اعتبارا بضبط المناعة والجهاز العصبي الإرادي واللاإرادي...

فمهمة العقل الحوفي الأساسية إذن هي التأقلم مع الوسط المعاش، والتغير معه حسب القناعات والمعتقدات.. وهو بذلك يشتغل كمصفاة بالنسبة للمعلومات بحيث أنه بإمكانه أن يضيف لها طبع الحال أو الإحساس بالفعل، وهكذا يمكن ان يشتغل على انفراد مع العقل القشري.. وإن حصل إجهاد للفكرة أو تعصب لها، فهو قادر على توقيف عمل العقل القشري، لأن له القدرة والصلاحية على استكمال الحياة..

وعليه كان واجبا علينا ان نربي أباءنا على تحصين العقل الحوفي بالقيم والأخلاق والخير والفكر الأسري والجماعي، لأن هذا العقل له وقت معين، حيث يبدأ التسجيل والبرمجة فيه من السنة السادسة وسنتهي تماما في السنة الثانية عشر.. ولنا في الأدب الإسلامي ما يحث على ذلك وينبه له، وذلك حيث الرسول الكريم: "مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا ، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ"..

ومن تأمل الحديث الشريف (وفيه صيغ أخرى) كلها تدل على أن العقل الحوفي له وقت الصغر حتى ترسخ فيه التعاليم وتصبح جزءا منه، وقد ثبتت تجارب علمية صرح بها الطبيب المتخصص "أندري جيرنيز André_Gernez " في مرض "الأزهايمر" بعد تشريح من مات مصابا بالمرض، فوجد في العقل الحوفي أثر خلايا ميتة، وعند تشريع بعض نساء الدين ولو بعد تقدم كبير في السن وجد أثر الخلايا في العقل الحوفي بقيت رغم كبر السن، فنتج: أن العقل الحوفي هو الأصل في العقل وقوامه في التعليم الديني، ووقته بين السنة السادسة والثانية عشر من العمر...

ومن تأمل مثالا آخر أصبحنا نراه على مدار الساعو: هذه الفتنة الإسلامية في التطرف الديني، وأكثر من يقبل عليها، هم من وصلهم امر الدين متؤخرا (على كبرهم) فلم يجدوا مقاومة أصلية باطنة لتحليل ما أصيبوا به من أفكار، وأرغمهم العقل الحوفي على تجميد العقل القشري واتباع ما يملى عليهم من تكفير الناس وتفجيرهم.. وهذا هو الموضوع التقني الذي سننتهي إليه من خلال هذا البحث البسيط..

فالعقل الحوفي لكي نختم مهامه باختصار: هو مشارك نشط في ثلاث أنظمة للذاكرة:

* العيش (vivre) وما يلزم ذلك من دوافع التغذية له (motivations alimentaires)..

* البقاء على قيد الحياة (survivre) في حالة التهديد يلجأ إلى إلى أحد الأسلوبين المتباينين (المجابهة أو الفرار)..

* التكاثر والتناسل (se reproduire)..

وهذا ما نحتاجه في بحثنا لا أكثر لكي نكون فكرة على ما نحن نبحث فيه..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire