الحجامة على اسم الله..

الحجامة على اسم الله، والمقصود بها الحجام والمحجوم له على السواء، وهذا باب علمي ورباني كبير في الواقع لم يُعن بأبحاث معمقة في الأوساط الطبية ولا في الأوساط الدينية.. وقد بدأت بعض العلوم في العشرية الأخيرة خصوصا في الفيزياء المتخصصة تفرض نفسها كفيزياء الكموم وغيرها من العلوم المتجانسة، كلها انتهت نهائيا إلى أن كل كائن ومكون هو كتلة طاقية اختلفت مكوناتها بظروف معينة، وكل لها هدف في الأصل وجدت (خلقت) من أجله، يمكن تحويلها عن مسارها إذا لم تحترم طبيعة أصلها ولم يراع منهج مسارها الطبيعي.. وهذا تكلمنا عنه منفردا في فيزياء الكموم فليرجع إليه من أراد الزيادة..

عندنا إذن " العمل أو الحجامة على اسم الله".. وهو ما اصطلح عليه بدارجتنا: "النية".. والمقصود بها إتيان العمل أو الإقدام عليه بالوجه المطلوب مع الخروج منه بالحول والقوة وغياب المنفعة فيه، وإسناد التوفيق فيه إلى الله عز وجل..

الواقع أن الكلمة لها دلالات ربانية رفيعة خصوصا إذا استقرأنا حديث النبي الكريم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه..

ومطلع الحديث الشريف: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.. من دقق فيه الفهم يجد ان نتائج الأعمال تكون في مفارقات تبعا لأصل النية فيها، وهذه المفارقات النتائجية هي طبعا حصاد الفاعل الضال في نيته، ولكن ينعكس ضلال الفعل على المفعول به أو فيه كذلك، وهكذا تتنوع اجناس الأعمال بتنوع واردات النيات فيها والأحوال..

هذا هو الفرق بين العمل الرباني (الطب الرباني) وأي عمل (شيء) آخر (حتى لا أقول أكثر من ذلك)...

فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله (طِبّه أو عمليته وحجامته او رقيته) يقصد بها أصلها وينوي جوهرها، وهو طرق باب الشافي للشفاء والمعافي للمعافاة، كان فعله في الحجامة أو الطب على اسم الله، وكانت نتيجة فعله "شفاء وبركة" وهذا بالنسبة للطبيب المعالِج أو للمريض المعالَج على السواء.. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها... سواء كان حاجما بالعمل على العوض، أو المريض في البحث على الصحة قصد نصيب الدنيا... فهجرته إلى ما هاجر إليه..

والمقصود به أن العمل المادي (ونحن كلامنا على الطب) تكون فيه النتائج على قدر استقامة المادة العلاجية فقط.. والتي تعتبر على قدر كمالها فقط الثلث من العلاج على أبعد تقدير، أما الثلثين فيبقى أمرهما متعلق بما خفي من الكتلة المريضة ومكوناتها وأسباب ذلك.. وهذا ما ينفع فيه عنصر "النية".. او العمل (الحجامة) على اسم الله..

قال الإمام جعفر الصادق في النية : النية من القلب على قدر صفاء المعرفة، وتختلف على حسب اختلاف الأوقات في معنى قوته وضعفه.. وصاحب النية الخالصة نفسه وهواه معه مقهوران تحت سلطان تعظيم الله تعالى ، والحياء منه.. وهو من طبعه وشهوته ومنية نفسه منه في تعب ، والناس منه في راحة.. (وهذا كلام عظيم يبين جانبا مهما من حديث الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم)..

وقال أحد الصالحين: النية : انبعاث القلب، وتجري مجرى الفتوح من الله تعالى ، وليست النية داخلة تحت الاختيار ، فقد تتيسر في بعض الأوقات ، وقد تتعذر ، وإنما تتيسر به في الغالب لمن قلبه يميل إلى الدين دون الدنيا..

وقال آخر: من خلصت لله نيته تولاه الله وملائكته..

وأدرت الوقوف في هذا الباب لأهميته، ولأن التعاليم الربانية فرضته كركن أساسي من أركان العلاج.. وقد يستبعد هذا التحليل كل طبيب تقليدي غير متمرس أو كل فقيه مادي غير رباني.. وهذا ما نود كشف معالمه والكلام عليه.. وإن له في الطب موقعا لطالما تماحك حوله الماديون لأنه لا يخدم مصالحهم أو المستغلون بدهائهم أو المنتحلون بحيلهم واستغلال سذاجة الناس وغلبتهم...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire