الآية الثانية من آيات الشفاء :

وردت الآية الثانية في سورة يونس، ونصها كما يلي من قوله تعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ .. وعجزها او خبرها من قوله تعالى: وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ..

فإن كانت الآية الأولى شفاء لما في صدور المؤمنين بإذهاب غيض قلوبهم، فإن الآية الثانية أكثر دقة وأعمق تخصصا، فإنها شفاء لما في الصدور (وتقديره لما بقي في الصدور) وعليه كانت الآية دالة على ما سبق من الآية (قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ)، والآية هنا تبين على أن ما تبقى من علل الصدور لا يشفى إلا بالمواعض الربانية.. وعليه كانت سورة يونس من السور العظام التي لها تأصيل مخصص في المواعض التي تشفي الصدور ابتداء بالدلالة على التوحيد الأعظم، وبيان أسرار الربوبية والألوهية وبيان صفاته سبحانه وكيفية تدبير شؤون عباده بحكمته ورحمته وقدرته وعلمه المحيط بشؤونهم وتنزيهه سبحانه عن ظلمهم ورحمته سبحانه التي سبقت عضبه... .

والمعنى أن من فهم عن الله كما ورد في هذه السورة العظيمة يحصل "شفاء لما في صدره".. وجاءت في هذه الآية كلمة "شفاء" بخلاف الآية الأولى جاءت و"يشف" وجوهر الخلاف بينهما أن المؤمن لا يحتاج إلى الخوف من الله لأنه مؤمن، والمؤمن من شأنه الخوف من الله عز وجل، ولكن جاءت وصفة شفاء بالدلالات النوارانية التالية:

الشين: لها القوة في الانكماش، ولا يزال العبد لم يكمل فيه هذا النور إلا إذا عرف عن الله ما يليق بالتعامل معه سبحانه بالتنزيه والتعظيم والتسليم..

الفاء: كما سبقت إليه الإشارة للحمل للعلوم، والألف بعدها لإمتثال أمر الله فيما ذكر من هذين النورين...

هذين الشفاءين من الآيتين الأولى والثانية إنما اعتنيا بتخصص في الشفاء هو شفاء الصدور وليس القلوب، والصدر وعاء أشمل، والقلب أداة فيه، وقد سبق في الحصص السابقة أن تكلمنا أن الدم عندما يضح تضخ معه أحاسيس لها مقاييس تعرف بها ولها برمجة عضوية تتصرف بها... ولهذا يلزم متخصصون لإثراء هذا البحث المتخصص لعل الله ينفع به العلم...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire