كيف تتأثر الخلية بمفعول الفكر أو المعتقد ؟؟

لا يوجد أي مسلم يشك في أن الإيمان يرقى بصاحبة في معارج النقاء والصفاء والطهارة في الحس والمعنى، بصرف النظر عن أصل خلقته أو لون بشرته، وقد ثبت عن النبي الكريم قوله: التمسوا الخير في حسان الوجوه.. أو كما قال صلى الله عليه وسلم، والمقصود بيان أثر الصلاح على ملامح الفرد، ويسمى العلم: علم السماة وهو من علوم القوم، قال تعالى في حق المؤمنين: سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ .. وقال تعالى في حق الفقراء المؤمنين: يَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم
بِسِيمَٰهُمۡ لَا يَسۡ‍َٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَاف
ٗا.. وقال تعالى في حق المجرمين: يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ..

ولا يشك أحد من المسلمين أن وجه النبي الكريم كان كالقمر ليلة البدر، وريحه صلى الله عليه وسلم كما يقول أنس: ما شممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وثبت أن ام سليم جمعت من عرق النبي الكريم فجعلته في طيبها... ومن قرأ السيرة النبوية العطرة يجد أصولا في العلم لم يُنظر إليها إلا من الناحية التعاطفية، أو تدرس جوانبها إلا من ناحية الكرامة الإنسانية... والسائح بحاسة الشم في مختلف الأجناس يجد أن المسلم البدوي في حقله العملي والعرق يتصبب داخل لباسه الخشن المغبر، وإذا اقتربت منه لا تشم منه بعض الروائح التي تشم من تحت بذل راقية وألوان زاهية في البشرات، وخدمات تنقله بين استحمام وتنظيف وتعطير.. وهذا يشمل فيهم حتى الأطفال دون سن الحلم.. ولا أذكر هذا انتقاصا من غير المسلمين (والله على ما أقول شهيد) ولكن لذكر بعض الشواهد العلمية التي تغيب عن الباحثين الميدانيين..

ولا يفوتني أن أذكر سنة خلقية طبيعية في موتى البشريين ومختلف طرق تجهيزهم ودفنهم.. فإنك تجد المسلمين يغسلونه كما هو في الشرع، والجم الغفير يلف في كفن عادي ويطرح في حفرة بالطرق المعروفة... وما ثبت أن تأذى الأحياء من الأموات عبر القرون والسنين ورغم ضيق المدافن في كثير من بلدان المسلمين.. ومن رأى الأجناس الأخرى فإنه يسمع ما لم نعرفه ولم نسمع به أبدا في بعض الحالات أن أجسادا تحرق من تلقاء نفسها وأخرى تعفن من حينها، ولذلك كان نظام التجهيز عندهم بني على احتياطات وقائية، فمنهم من ينظف الميت حتى من "باطنه".. ثم توضع الجثة في توابيت صلبة، ومنهم من يشمعه بالنار ليذهب ما فيه من السوائل، ومنهم من يرى أن حرقه والاحتفاظ بشيء من غباره من عزائم الأمور... .

ولا أذكر هذا لعبث، ولكن لنصل إلى قول الحبيب النبي: ... إن الله عز وجل حرّم على الأرض أجساد الأنبياء.. وهذا يعرفه المسلمون عبر السنين، وثبت أن وجدت أجساد بعض الصحابة والشهداء والأولياء من المسلمين، لا تزال في قبورها كيوم وضعت فيه، وروائح الطيب تفوح منها (ولا نريد أن نطيل بذكر ما ورد فيها وما رأيناه وسمعناه من الثقاة.. وهذا لا يخفى على أحد من المسلمين)..

أما ما نود الخلوص إليه، هو مدى علاقة الإيمان بحفظ خلايا الجسد، أو بلغة علمية: ما علاقة الفكر أو الإيمان والذي يعتبر طاقة محضة، بالجسد الذي يعتبر مادة محضة؟؟

وقد عمل الطب الغربي بكل ما له من قوة على أن يفصل بينهما منذ مئات السنين (كما يقول البروفيسور بروس لبتون (Bruce Lipton) صاحب كتاب (Biologie des Croyances).. ويضيف: في القرن السابع عشر رفض ديكارت (Descartes) فكرة أن العقل يمكن أن يكون له تأثير على الجسد، بناء على تحليله أن الجسد مكون من مادة محضة، والفكر من مادة غير معروفة ولكن المعروف عنها انها غير مادية، فلا يتأثر المادي بغير المادي...

وهكذا بنيت "العقيدة الكرتيزية" في العلوم المادية خصوصا في الطب والفيزياء التقليدية إلى أن ظهرت فيزياء الكموم التي أثبتت عكس ذلك بأدوات قياسية دقيقة، وكذلك في طب الكموم، وفي هذا التخصص الذي نحن بصدده (وما هو إلا غيض من فيض معلومات ربانية جاءت في النصوص واضحة وصريحة).. والعلم المادي العربي أو الإسلامي له في الأسس هذا النوع من التقليد حيث لا تمنح شواهد إلا على هذا النوع من التكوين!!

وأود أن أكمل مع طرح د. بروس ليبتون، وكيف يرد على الفكرة الكارتيزية بإيجاز شديد، يقول ما ملخصه: أن الطب الحيوي التقليدي بني على النظريات المادية لنيوتن، ولذلك ساهمت الفكرة الكرتيزية في فصل العقل عن الجسد.. أما من الوجهة الطبية فيبدو فصل الجسد ميكانيكيا أسهل بكثير من الغوص في معرفة ما يخفيه من غوامض مركبة..

أما عالم الكموم اليوم فقد توفق في جمع ما فرقه "ديكارت"، وأصبحنا نعرف ميكانزمات جديدة من خلالها كيفية تأثير الفكرة (هذه الطاقة العقلية) على الجسد الذي هو على اتصال دائم بالمخ والجهاز العصبي!!.. فهذه الطاقة (التي هي عبارة عن فكرة) بإمكانها أن تفتح أبواب إفرازات بروتينية من الخلية بتدخل ميكانيكي، وتكون هذه البروتينات إما بناءة (نافعة) أو سليبة (هدامة)...

ورغم كل هذه الاكتشافات في فيزياء الكموم في الجمع بين أثر الفكر وتأثير الجسد، فإنها تحكم بالإعدام من جديد على يد الطب الغربي، فإنهم يعلمون الباحثين كيف تؤهل المفارقات الغريبة وإقصاؤها (بهذا المعنى) كالحالات المماثلة للولد التي يشفى من مرض جيني نتيجة توجهه الفكري أو قوته العقلية... والعكس هو الذي يجب أن يفعله العلماء والباحثون، وهو الغوص في دراسة هذه الحالات "الغريبة"، فوراء هذه الحالات الناذرة توجد فهوم ومعارف قوية حول الطبيعة وحول الحياة... وعلى العموم، لأن تستخدم قوتك (طاقتك الذهنية، على حد قوله) أو الفكرة، أحسن بكثير من أن تستعمل المواد الكيميائية التي توصف لك ضنا في نفعها أو ضرورتها... انتهى كلام د. ليبتون بتصرف..

إن كلمة التفكر، أو قوة الفكر أو العقل أو طاقة الفكر... وإن كان قد كتب لها ميلاد جديد في الأوساط الغربية، وبدت تلوح آثارها بين أقلام الباحثين واهتمام المهتمين، فإنها جزء لا يتجزأ من عبادة المسلمين، فالتأمل أو بعبادة أدق: التفكر والتدبر من أعمال الفكر أو العقل المرتبط بأحاسيس القلوب... وإن لم تقم إلى الآن أبحاث معمقة في العلوم المادية سواء من علماء المادة أو من المسلمين، فإنها كانت دوما ديدنة العلماء العاملين والدالين على الله بالحق واليقين.. وأظن أنه قد حان الوقت ليدل العلم بنفسه على نفسه، ولو قصر المقصرون.. ولو كره الكافرون ...

أعمال الفكر او التفكر لها قوانين تحكمها وعلامات تسيرها وترشدها، وواقع البحث الحالي فيها لم يتخط طور النشأ أو الميلاد، والباحثون فيه في أشد الحاجة إلى قاعدة بحث ومعطيات بها يتوجهون وعليها يسيرون، حتى يسلس سيرهم ويثمر بحثهم، والأمر في هذا موجه إلى المثقفين المسلمين ليستخرجوا لنا دررا من أعماق هذا الكتاب العظيم الذي أنزله الحكيم العليم على هذا الرسول الكريم الذي أرسله رحمة للعالمين، وهذا ما نحاول ملامسته من خلال بعض العلوم التي بدأ تسطع في الغرب من خلال بعض المهتمين، ونحاول معها إلحاق اهتمام العلماء المسلمين بمواكبة ما يجري في الساحة العلمية، يقينا من قوله تعالى: مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖ.. وقوله تعالى: إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ... أو نحاول على الأقل توصيل بعض هذه المواد من العلوم المادية إلى بعض علماء المسلمين لعل هذه المستجدات تدخل في تخصصهم (وهي فعلا كذلك) وتقتحم عليهم خلواتهم التفردية بمادة الفقه أو الأصول أو علم الحديث... لعلهم يلحقوا بالركب البحثي في العلوم النافعة، وكل هذا من الدين، وهو على صلة وثيقة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآياته واضحة والأحاديث فيه صريحة.. فلا دنيا لمن لم يحي دينا، ولا دين لمن لم يحي دنيا.. .

وأود أن أعرج على بعض العلوم الأخرى التي تعبر مادية ولها صلة بمقصدنا ابتداء من أصولها أو ما انطلقت منه كأبحاث وآليات وتقنيات البحث المتطورة:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire