كيف تعالج إصابات الجن والشيطان ؟..

أصّل كتاب الله العظيم وسنّة رسوله المصطفى الكريم إلى الوقاية من هذه الأمراض والأعراض في قاعدة بيانات علمية لم تترك للشك موطئ قدم ولا للتجربة مجالا، ولكن الأسف كله على الباحثين الذين لم يجمعوا (إلى الآن) كل هذه العناصر السلوكية في الأقوال والأفعال والأحوال حتى يستفيد منها الفرد المسلم (أو غيره)، وفي المقابل تجد بعض الممارسات التي أصبحت تحسب على الطب الموازي أو المرافق، ولها ثقل في ساحات الطب ودويّ كبير على النتائج في الأوساط سواء للممارسين أو المرضى، وبنيت لها قواعد للتدريس ومناهج للتطبيق، والمسلمون بين هؤلاء وهؤلاء وكأنهم اجتثوا من فوق الأرض ما لهم من قرار... .

إذا قال الرسول الكريم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم... (الحديث) فمعلوم أن مجرى الدم في عروق الإنسان على اختلاف أحجامها ومهامها لا يدع بقعة ولا قطعة من الجسد إلا وصلها، فحيث ما وصل الدم من جسد الإنسان، فالشيطان يصل إذا وجد لذلك سبيلا (هذا هو المعنى الطبي من الحديث الشريف).. وحيث ما وصل فإنه يحدث أضرارا بالعضو سواء كان عقلا أو قلبا أو بطنا او ظهرا أو عظاما أو جلدا أو كبدا أو طحالا... فافهم..

هذا من الوجهة المادية فقط، وقد وردت أحاديث أخرى من الوجهة الحسية كقوله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس .. وهذا معنى قوله تعالى في سورة الناس: قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ، مَلِكِ ٱلنَّاسِ ، إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ، مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ، ٱلَّذِييُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ، مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ ..

وهناك قواعد علمية أخرى للبحث في كتاب الله كقوله تعالى: ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ.. والمعنى أن مسّ الشيطان يحصل منه تخبط الإنسان فيفقد توازنه في القيام بأموره كلها..

وجاءت كلمة المسّ في مواقع مختلفة من كتاب الله كل منها يدل على نوع مخصص من المسّ يجب تشخيصه على حدة حتى تعرف أسباب علاجه كقوله تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ.. والآية هنا تبين أن المعرض عن الذكر معرض لمسّ الشيطان، وهذا المس له خاصية: هي فقد الاستبصار أو الإبصار (وهو الإدراك لحقائق الأمور...) والذكر يذهبه...

والآيات كثيرة لعلها أشكلت على أهل اللغة في الفرق بين اللمس الحركي (الذي هو مجرد التقاء شيئن من دون فاصل أو حاجز) والمس الشيطاني الذي هو مسّ كُنه الإنسان بشكل يغير سلوكه من إيجابي إلى سلبي، ولا يوافق الوقت لذكر الآيات الواردة في الموضوع وأراها بحث مستقل بذاته على المتخصصين أن يغوصوا في خباياه فإنه قرآن رب العالمين..

فالمسّ على الأنوار يكسبنا وقتا ويبين لنا ما نود الوصول إليه فإذا بحثنا الكلمة وقد وردت بصيغ متعددة على مستوى الجذر، ولنأخذ كلمة أو اثنين بهما يتضح التوجه في البحث:

المس: من قوله تعالى في الآية السابقة: لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ.. وهي هنا أربع حروف:

الألف له الامتثال، والمقصود به عكسه، فالشيطان عندما يمس الإنسان أول ما يبادر له هو عدم امتثال أمر الله وإن كان ذلك بالتدريج، كأن يصيبه ملل أو عياء أو شغل... والامتثال محله العقل فأول ما يصاب من الإنسان خلل في التفكير أو التحليل أو الاستنباط أو القرار...

اللام: وله العلم الكامل، وعكسه الجهل، فإذا أصيب العقل وافتقد الإبصار انتكست في العبد العزيمة انتقص في العبد العلم بقلة العمل، (أو ما هو أكثر من ذلك، والناظر بالبصيرة يرى ما وصلت إليه الأمة).. والعلم محله القلب كما سبقت الإشارة إليه..

الميم ولها الذكورية، وعكسها قلة النفع، وهنا يبدأ مجسم المسّ على الإنسان، وإن كان العبد ذكيا وإن كانت له إمكانيات علمية وشهادات دولية فإن علمه لا يُنتفع به، وكل ما سبق من الأكدار أو الظلمات للوصول إلى جوهر المس وهذا شطره الأول.. ومحله سائر الجسد وخصوصا الأعضاء الظاهرة والباطنة

السين، وهو الشطر الثاني، وله من الأنوار خفض جناح الذل، وعكسه الكبر والعلو، فإن وصل إليه المصاب فقد اشترك مع الشيطان فيما شطنه ومع إبليس فيما أبلسه، ومحله الجهاز العصبي (فافهم..)

أما في المثال الثاني من قوله تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ.. فهي صيغة أخرى من المس، وهي خاصة بالمؤمنين المتقين، وتقنية أخرى للشيطان كي يصرف عباد الله عن الله ثم يتولاهم بشطنه وبلاياه فكلمة "مسّهم" لها أسر الأنوار المنكسرة من الميم والسين مضاف إليه حرفين آخرين وهما كالتالي:

الميم لها قلة النفع، ومحلها من الجسد وظائف الأعضاء..

والسين لها العلو الاستكبار ولها من الجسد الجهاز العصبي..

ثم الهاء من لها من الأنوار النفرة عن الضد وعكسها السكون لكل ضد وند، ولها علاقة بين القلب النابض والعقل المفكر والمدبر..

وأخيرا الميم الثانية، وهي توطيد عدم النفع وطبعه في ظاهر الإنسان وباطنه فلا يرتجى منه خير أبدا...

هذا باختصار شديد معنى المسّ الشيطاني على المعنيين من الآيتين الشريفتين، وأردت فقط أن أفتح هذا القوس الكبير الذي عبرت عنه بجمل قليلة، في الواقع على المختصين أن يفتحوا في الموضوع أقواسا وأبوابا فإن الأمر في غاية الأهمية، وإن قال أحد من مسلمي الظاهر: أن هذا ليس من الدين أو أن هذا التقويم لا أصل لها، نقول له أنظر حولك في الطب النفسي وفوق النفسي، وكيف تأصلت عنه القوانين الدولية على الأمم وفي الشعوب ومناهج التربية والتعليم والقانون في "الحقوق" و"الحريات" و"العلاجات" (ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك)...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire