علاقة القمر بالحجامة:

القمر له علاقة مباشرة مع الأرض، وهذا عرف منذ الأزمان الغابرة ولا يخفى على أقل الفلاحين في العالم، صحيح أن الأمر استغل من بعض المنتحلين في شتى المجالات في تسويق وترويج بضائعهم الوهمية، ولكن الأمر في غاية الأهمية بالنسبة للسحرة و الكهنة والمخربين سواء قديما أو في زماننا هذا ولا يجهل هذا إلا مغفل، فكل الأعمال السحرية الكبيرة تعمل بأرصاد فلكية متقنة، وخبراؤها المجرمون مقربون من ألوية الحكم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا...

فالقمر له تأثيرات على الإنسان ومحيطة في الماء والهواء والنبات، وحتى في نفسه وعقله وفكره إن لم يكن متزنا وملتزما و عاضّا بالنواجد على أداء الواجبات واجتناب النواهي.. وتأثير القمر على الأرض وعناصرها يصنف علميا بما يعرف بتأثيرات الدورات الطبيعية الخارجية (Effets des cycles naturels externes)، ويكون ذلك في مختلف مراحل دورة القمر الشهرية أو ما يسمى "بمنازل القمر"، هذا وإن كان الكثير يصدقة بل ويعمل عليه كالطواقم الطبية والأجهزة الأمنية والباحثين في المسائل الاجتماعية، وكل هذا وردت فيه أبحاث علمية ودراسات ميدانية، إلا انه يوجد من يعارض الأبحاث كل ذلك خصوصا المعتدين المادة المحضة.. اما المعضلة الكبرى هو إذا انحاز بعض من المسلمين والعرب إلى الطرف الثاني وأنكروا الوارد بمجرد نقل الأخبار فقط، والبحث في الأثر العلمي الديني كان سيكلفهم أقل مما فيه بحثوا أو أهدروا فيه طاقاتهم النقلية..

وهذه بعض التأثيرات الثابتة على الطبيعة وعلى الناس:

* ارتفاع المحيطات وتكوين المدّ البحري.. وبه تمتد ملايير الملايير الأمتار المكعبة من المياه إلى عدة امتار..

* لوحظ في أمريكا الشمالية أن القشرة الأرضية قد ترتفع في كمال الهلال بحوالي 15 سنتم..

* القمر له تأثير في نمو النباتات او بعضها، وله تأثير إيجابي على نضجها وإثمارها.. ومن يعرف التعامل مع عناصر الأعشاب خصوصا في الكيمياء الكاملة ( (Alchimie، وللأسف الشديد ان مثقفينا ترجموا الكلمة من اللغات الأجنبية وسموها الكيمياء السحرية، وهو اسم لا نصيب له من الصحة، لأن الغرب يسمون كل ما هو غيبي سحرا، وعليه يقولون السحر الأبيض وهو النافع للناس والطبيعة والأسود للضار، فيجب على من يهمه الأمر أن يسطر بالأحمر على مثل هذه الكلمات، وسيأتي توضيح ذلك في موضعه إن جاد الكريم..

* القمر له تأثير عند كماله في زيادة نُسغ الأشجار الطويلة (وهو الماء الذي يظهر في الشجرة إذا قطعت)..

* وجد عند الحيوانات والدواجن فترة نشاط جنسي مرتبطة بزيادة الهلال إلى كماله، وتتقهقر في ضمور القمر التدريجي إلى أحدب فتربيع أخير..

* ثبت أن في اكتمال الهلال يحصل اضطراب في النوم وذلك على إثر إثبات علمي، على أن هرمون النوم (ميلاتولين) (mélatonine) ينزل إلى أدنى مستوى في هذه الليالي، فينتج عنه أن النشاط الذهني المرتبط بالنوم يضعف ب 30 % ، ويحصل النوم بحوالي 5 دقائق من الوقت المعتاد، ومدة النوم تنتقص بحوالي 20 دقيقة.. وهذا يجعل من صاحبه متعصب وسريع الغضب..

*كذلك إلترونات الذرة التي تتكون منها تكون من الحساسية بمكان، فتسبب في عدم توازن هرمونات الغدد (glandes hormonales) وهذا يحصل منه ما يسمى: الإجهاد الاصطناعي (stress factice) ... الخ.

في الواقع كانت الأبحاث شحيحة جدا في الموضوع، وإن ظهر خلاف ذلك في التشكيك، لسبب واحد أن الأبحاث أصبحت تحت رحمة الشركات الممولة... ولا عائد يرجع للمستثمرين من الحجامة أو الأعشاب أو بالهمة الرفيعة والنية الصادقة... أما الدول وحكوماتها فأضحت مقرنة بأصفاد القانون أمام المستثمرين... وهذا لا يخفى الآن على أحد.

أما القمر فله تأثير فعلي على الأرض كما ثبت ذكره، والمقصود عندنا في سوائلها، كمد البحر وجزره، وكذا الزيادة في سوائل الأشجار، كذلك يكون في الإنسان الذي تصل فيه السوائل إلى 80 % والمواد الصلبة لا تتعدى 20 % ، ومن فهم هذا يفهم المحرك لهذه السوائل التي تحفظ لأجهزة الجسم نشاطها في العطاء وقدرتها على البقاء، وهي هذه المادة الربانية العجيبة ، التي إن نشطت نشط معها سائر أعضاء الجسد، وإن تعرضت لكدر تكدر معها جميع وظائف الجسد "ألا وهي الدم"، والتي تحركه كما قال النبي الكريم "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب "..

والقلب وما أدراك ما القلب، موزع الغذاء، وموازن الهواء، ومجسة الدواء، وبيت الحكمة إن غابت عن جدرانه الأهواء.. قليل ما قيل عنه من علمائنا، وشحيح جدا ما وقع فيه البحث من أطبائنا ومثقفينا.. وهذا ربما راجع إلى غياب حس الطب والتثقيف عند العلماء، أو غياب حس العلم عند المثقفين والمعالجين والأطباء..

كان كلامنا على هيجان السوائل عند الإنسان، والدم أساسها كما سبقت إليه الإشارة، والقلب آنيته ومركز ضخه والمتحكم في سريانه، ولا انفكاك لحسن سريان الدم بغير سلامة القلب، والعلاقة بينهما ليست علاقة ميكانيكية كما يفهم منه الطب او يتعامل معه، إنما هناك أبعاد تم إغفالها وأسرارٌ تمّ إقصاؤها.. وإلا كيف يفعم القلب الفرح ربوع الجسد بالنشاط، وكيف يكدر القلب وظائفه.. فعلاقة القلب بالدم علاقة الأم الحامل بحملهاـ تتألم من تألمه ويتألم من تألمها، وتستجيب لطلبه ويستجيب لطمأنينتها.. هذا القلب السليم يقوم بمهامه تامة كاملة، والقلب المريض تنتقل معه الأعراض فتأثر معه الحواس الظاهرة والباطنة، فتؤثر على وظائف الأعضاء فتفقد من فعاليتها في الأداء الوظيفي ويحصل الخلل في أداء المهام التي خلقت من أجلها، وهنا يجب أن تؤخذ أبعاد البحث في معنى قول النبي الكريم: لا يتبيغ الدم بأحدكم فيقتله.. فتبييغ الدم متوقف على جميع هذه الأمور.. قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ..

*والقلب المريض ينقل الدم فينتقل المرض إليه فيمرض منه سائر الجسد قال تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ..

*والقلب السليم يورث العقلنة والتعقل قال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.. فالقلب السليم ينقل الدم السليم إلى العقل الذي يعقل وإلى العين التي تبصر وإلى الأذن التي تسمع، ويكون بينهم تجاوب نحن في أشد الحاجة إلى معرفته في الأوساط العلمية..

*والهداية مصدرها القلب وهي باب الرحمة، والزيغ كذلك من القلب العليل وهو مسبب النقمة قال تعالى: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ..

* والقلب السليم تفتح أبوابه ويرقى في معارج التدبر الرباني قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا..

*والقلب السليم يفتح أبواب العلوم والسقيم يغلقها وإن كان صاحبه يُحتسب على الشهادات العليا قال تعالى: وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ..

ربما طال بي الكلام عن القلب والدم ولكن الضرورة اقتضته، فمن تأمل هذا فتحت له أبواب معرفة يتصرف من خلالها مع الحجامة بما يجب، وليست أعني في كلامي ترك الأدوية تماما والإحجام عن الطب بالكلية، وهذا لا يقوله ولا يقبله عاقل، إنما وجب أن نضيف إلى الأرصدة العلمية الربانية ما تم تهميشه وتجنيبه وإقصاؤه..

إذن فكرة احترام الأوقات المنصوصة في الأحاديث الواردة من عزائم الأعمال، وربما قد تنفع في الحجامة العامة كما ذكر ابن عمر، وإن كان في الواقع هناك خلط في المصطلحات كما جرت على ألسنة علماء الحديث وكذلك عند الحجامين، وهي في الواقع تعتبر الحجامة العامة هي الحجامة على الأمراض والأعراض، كآلام الرأس أو الظهر أو غير ذلك مما سنذكره لاحقا بتفصيل، ويجوز أن تكون في كل وقت، ولكن إن صادفت الأوقات المحمودة والمواصفات الدقيقة في الكيف والفعل، فهي أجود وأحسن من غيرها التي لم توافي الشروط، ولكنها نافعة لإزالة الألم وتخفيف حدته، ولهذا تعاد ثانية بعد وقت معين في الوقات والمواصفات المعينة وهذا المطلوب..

إنما الحجامة الخاصة، أو حجامة خاصة الخاصة فهي التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها ابن عمر رضي الله عنهما وغيره، والتي يذكر فيها "تبييغ الدم".. ومن تأمل مجمل الأحاديث الواردة في الباب يستشف أن كل حديث قُصد به نوع معين للحجامة بأسلوب معين في التعاطي معها، وهذا يجب مراجعته والتنبه إليه...

ومن كان له إلمام بالأوقات الفلكية (temps astronomiques) وعلم الأمراض (pathologie) وعلم تهذيب الأخلاق وتربية الأذواق، وهو علم الإحسان أو التصوف كما يطلق عليه، (وإن كان هذا المصطلح لا يروق للجميع) فإنه يكون حكيم زمانه، خصوصا إذا كان له بعض الإلمام بعلم التغذية... وهذا ما عجزت النساء عن ولادته أو الدول عن تكوينه، ولكن هناك نور في الحروف الربانية يسمى " الجمع للعلوم" (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire