2) الطب القرآني:

هو كل ما ورد في كتاب الله من ذكر كلمة "مرض" و"شفاء" على كل المشتقات... والذي يجب التنبه إليه في الطب القرآني هو أن كل ما ذكر فيه كلمة "مرض"، فإنك تجد له أصلا سلوكيا أو نفسيا أو بسيكولوجيا (وهذا الذي لم يتنبه إليه الباحثون، وهو عصب البحث في ميكانيك الكموم والطب الكمومي) كعلاقة انحراف السلوك الإحساسي (القلبي) بالمرض العضوي كقوله تعالى: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ...

وعلاقته بعدم الاستقرار النفسي وعدم الاطمئنان كقوله تعالى: فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَنَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ... أو إلحاقه بالنفاق وكراهية الآخر (العنصرية) كقوله تعالى: إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ.. أو فتح أبواب الأفعال النجسة والأحوال الرجسية عليهم وأبواب الفتن المتوالية وإبعاد أبواب التوبة كقوله تعالى: وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡرِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ، أَوَلَايَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ ...

ويصل السلوك السلبي بصاحبه إلى الشك في الله وإلى الشرك قال تعالى: وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِممَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا... ويصل به إلى أذى المجتمعات وإفساد النساء بالطمع والشهوات قال تعالى: فَلَا تَخۡضَعۡنَ ٱلۡقَوۡلِفَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا... ثم يلحق صاحب القلب المريض بالكفر ويجد صعوبة في الفهم عن الله وعن أوامره ونواهيه كقوله تعالى: وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞوَٱلۡكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُوَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ ... .

اما تشخيص "مرض" فقد سبقت الإشارة إليه بإسهاب في باب سبق وملخصه هو ما نطقت به أنوار حروفه الثلاث:

الميم: ولها الذكورية وهي النفع الساري بين الناس، وهو ما تقوم به أعضاء معينة في الجسد البشري، في الأخذ: لكي تحيى حياة طبيعية وصحية لأن طبيعة الحياة اقتضته، كالغذاء والماء والهواء والنوم والعمل والراحة... وفي العطاء: لكي يسقى العبد بأنوارها وأسرارها، وتحيطها هالات ربانية من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وسلوكها كالبذل والعطاء والكرم والسخاء والرحمة والنفع... واما مانعها فإنه يمنع نفسه ويحرمها مقومات السلامة ومزودات العافية البدنية وما يتعلق بوظائف الأعضاء التي تتأثر بالفعل السالب...

الراء: ولها حسن التجاوز، وسبق أن ذكرنا أن النور له علاقة بالعقل والفهم وأخذ القرار، وهي مهمة فكرية محضة، وتكلمنا باستفاضة على طبقات العقل وقبله على انواعه... ويتكون الجهاز العصبي وهو مرتبط بكل شيء في البدن ظاهره وباطنة... فالمتحلي بنور حسن التجاوز في الأحوال، ولا يقف مع المعوقات بحسن إيمانه وقوة يقينه، فإنه تتسع له الآفاق التفكرية والتدبرية في الفهم عن رقائق الأمور ودقائقها ويجد دوما لنفسه فرجا ومخرجا.. اما من وقف مع الأحوال كان عبدا لها وأثرت فيه بما يشل حركة فكرته وقدرة قراره، وأثر ذلك على مزاجه وتأثرت منه وضائف الأعضاء الظاهرة والباطنة...

الضاد: ولها من الأنوار قول الحق، وسبق أن ذكرنا أن قول الحق يشمل القول وكذلك الفعل، وللنور علاقة بالقلب والإحساس، والقلب له سلطة التحكم في القرار الصائب والفكر السليم (وقد بينا هذا سابقا بطبقات العقل) وللعقل السلطة على معرفة الهداية إن نار ويكون عرضة للغواية إن أظلم قال تعالى: أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَلَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَالَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ...

وفي هذا النور أسرار تتعلق بالأمراض والأعراض إذا ابتعد القلب عن الحق قولا وفعلا وحالا، والبحث فيه لا يمكن أن يتأخر عن هذا الوقت فقد دقت طبول الضلال وهيمنت على البشرية الشطن والمِحال...

هذا باختصار شديد ما يتعلق بالمرض، وهو غير ما يتعلق بالمرض من صنف البلاء أو السقم (وهذا ما يجب التنبه إليه والتصنيف فيه)، وعلى العموم يجب الاهتمام بهذا النوع من التشخيص حتى تفتح أبواب التخصص في كل مادة...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire