1 ) السحر..

لن أدخل في الخلافات الأدبية حول كلمة السحر ومعانيها، ولكني أحاول التركيز على ما يمكن أن يفيد العلم، ويوجه الباحثين ليخفف من حدة المصابين والمعانين، وأحاول قدر المستطاع أن أقرب الباحث بأمثلة أجدني مضطرا لذكر بعضها لعلها تكون مؤشرات لبعض التوجهات الإيجابية أو دلائل إلى ما يمكن أن يحول مجاري البحث إلى الأصوب..

"اَلسِّحْر" هي خمس ظلمات نسخت خمس أنوار سلوكية إن توفرت في الفعل كان "سحرا"، أو في الفاعل كان "ساحرا" وهي الأنوار المنكسرة التي تتوفر عليها كلمة "السحر" وهي كما يلي:

الألف: له من الأنوار امتثال أمر الله تعالى، وظلمته عصيان أمر الله، ومن وقع في العصيان وقع في السحر ب 20%!!..

اللام: له من الأنوار العلم الكامل غيبا وشهادة، ونقيضه هو الجهل الكامل به، ومن وقع فيه سقط خمسه الثاني.. ويعتبر هذين النورين أساس كل سلوك علي وظلمتهما عنوان كل فعل دني، وهذه انوار ذات الفعل:

السين: لها من الأنوار خفض جناح الذل، ونقيضه العلو الاستكبار، فمتى أحس العبد بتميزه على الآخرين أو علوه عليهم أو فضله على الآخرين فقد دخل في الركن الأول من مثلث السحر المدمر، وفتح على نفسه مواسير الظلمات الباقية..

الحاء ولها الرحمة الكاملة، ولها من الظلمة النقمة والكره والحسد والبغض... و"الرحمة" لا تفهم حقيقة معانيها إلا ببسط انوارها، ونقيضها كذلك، فمن افتقد الرحمة بالعباد فقد افتقدها من نفسه قبلا، ومن لا رحمة فيه لا أمان منه ولا خير فيه، ولا ينتظر من فعله نفع..

الراء هو الحرف الأخير وله من الأنوار: حسن التجاوز (ومعناه التوكل على الله والرجوع إليه في كل شيء) أما نقيضه فهو الوقوف مع الأحوال، فإن ابتلي العبد بشيء من الخيرات ظن أنه أهل لها وعمل على استثمارها واستدوامها، وإن انتلي بشيء من المكروهات ظن أنه مكاد بها ولم يقبلها وعمل على إزالتها بكل ما يجد أمامه... .

هذا وصف الساحر على الأنوار، ومن انتكست فيه هذه الأنوار كان ساحرا سواء فعل السحر أو لم يفعله، وللفقهاء واسع النظر في طالب السحر، هل يعتبر ساحرا؟ تماما كفاعله، أو الساحر فقط هو من ضبط بقرائن السحر؟ وما هي بالتحديد؟؟ وهل عليها شواهد من كتاب الله وسنة رسول الله؟ أو هي اجتهادات الفقهاء.. وأي نوع من الفقهاء؟؟؟

على كل حال، نحاول قدر الإمكان تسليط بعض الأضواء على ما خفي في دهاليز السحر والسحرة من سلوكات لعل الفائدة تعم، ونعمل على إبراز بعض الشواهد معززة بنصوص.. فمن قرأ الأنوار المنكسفة (الأكدار) في كلمة "السحر"، وللاختصار نركز على مثلت "سحر" فنجد الظلمات التي سبقت وهي كالتالي: الكبر، والنقمة والوقوف مع الأحوال... ومن تأملها بإمعان يجد أنها خصال إبليس اللعين مبينة بالنصوص، وهي كما يلي (ونركز على بعض الآيات فقط):

1) الكبر: قال تعالى: فَسَجَدَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ إِلَّآ إِبۡلِيسَ.. ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ .. قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ .. قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ...

فالآية العظيمة هنا تبين تسلسل الظلمات في نفس اللعين، وكيف تركب الظلمات على بعضها، وتضمحل السلوك القيمة تباعا حتى تنتهي بأكملها... فنظرة إبليس لنفسه (وقصته معروفة مع الملائكة قبل خلق آدم عليه السلام) أدخلته في العلو والكبر وهو أول باب للسحر، وهو فاتح للباب الثاني:

2) الانتقام وعدم الرحمة: قال تعالى في حقه: قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا.. وهنا يظهر تمكن الغل والحقد من القلب وخطورته على الغير...

3) الوقوف مع الأحوال: ويظهر من حرص اللعين على ما يريده من إلحاق الأذى بغريمه بأي ثمن وبكل منهج وبشتى طريق وهذا يظهر من قوله كما ذكره الحق سبحانه: قَالَ أَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ .. قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ.. قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ.. ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ َيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ....

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire