لا يخاف عليك أن تلبس الطريق عليك، و إنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك.

قلـت: لا شك أن الله سبحانه بين لنا طريق الوصول على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلـم، فبين أعلام الشريعة، و منار الطريقة و أمور الحقيقة، فقرر لنا شرائع الإسلام و قواعد الإيمان و تمام الإحسان، فما ترك صلى الله عليه و سلم شيئا يقربنا إلى الله إلا دلنا عليه، و لا شيئا يبعدنا عنه إلا حذرنا منه، لم يأل جهدا في إرشاد العباد و إظهار طريق السداد، فما رحل إلى الله تعالى حتى ترك الناس على الدين القويم، و المنهاج المستقيم، على طريق بيضاء لا يضل عنها إلا من كان أعمى، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) و قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، و قال صلى الله عليه و سلم: " لقد تركتكم على الحنفية السمحة" و في رواية على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، و قال أحمد بن حضرويه البلخي رضي الله عنه: الطريق واضح و الدليل لائح و الداعي قد أسمع، فما التحير بعد هذا إلا من العمى..

و سمعت رابعة العدوية صالحا المزي يقول: من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له، فقالت له: الباب مفتوح و أنت تفر منه، كيف تصل إلى مقصد أخطأت الطريق إليه في أول قدم /.

فلا يخاف عليك أيها المريد أن تلتبس الطرق الموصلة إلى الله تعالى عليك لأنها في غاية الوضوح، و إنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك، فيصمك و يعميك، إن الهوى ما تولى يصم أو يعمي، فلا يخاف عليك التباس الهدى إنما يخاف عليك التباس الهوى، فلا يخاف عليك التباس الحق، و إنما يخاف عليك جهلة الخلق، و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، فلا يخاف عليك وجود أهل التحقيق، و إنما يخاف عليك قطاع الطريق، لا يخاف عليك من خفاء أهل الحق إنما يخاف عليك من قلة الصدق، فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم، و الله ما حجبهم عنك إلا عدم صدقك، فلو حسنت ظنك بالله و بأولياء الله لرفع الله الحجاب بينك و بينهم، و وجدتهم أقرب إليك من أن ترحل إليهم..

فسبحان من سترهم في حال ظهورهم، و أظهرهم في حال خفائهم، كما نبه إليه الشيخ بقوله:

 

سر الخصوصية مستور بسترالله

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire