و لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه، فأي علم لعالم يرضى عن نفسه، و أي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه.

و لأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه، خير من أن تصحب عالما يرضى عن نفسـه...

قلت: إذ صحبة من لا يرضى عن نفسه خير محض لتحققه بالإخلاص، فيسري ذلك في الصاحب حتى يتحلى بالإخلاص، و يصير من جملة الخواص، و صحبة من يرضى عن نفسه شر محض، و لو كان أعلم أهل الأرض، لأن الطباع تسرق الطباع، إذ الجهل الذي يقرب للحضرة خير من العلم الذي يبعد عن الحضرة، و لذلك قال بعض العارفين: أشد الناس حجابا عن الله العلماء، ثم العباد، ثم الزهاد لوقوفهم مع علمهم و عبادتهم و زهدهم، و الجهل الذي يوصل إلى الله علم الحقيقة، و العلم الذي يحجب عن الله جهل على الحقيقة، و لذلك قــال:

فأي علم لعالم يرضـى عن نفسه ، و أي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه

فعلم العالم الذي يسبب له الرضا عن نفسه يصير حجابا له عن ربه، إذ بعدم الرضا عن نفسه بحث عنها، و تخلص من رقها، فصار عبدا حقيقة لله، فحينئذ أحبه و اصطفاه لحضرته، و اجتباه لمحبته، و أطلعه على مكنون علمه فكان أعلم خلقه و الله تعالى أعلم.

و إذا تخلص العبد من حظوظه و أوصاف بشريته قرب من حضرة ربه لصحة قلبه و إشرافه بنور ربه، ثم امتحى وجوده في وجود محبوبه، و شهوده في شهود معبوده..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire