من علامات النجاح في النهايات، الرجوع إليه في البدايات.

النجح في الشيء هو بلوغ القصد و المراد فيه، و نجحت مطالبه إذا قضيت و بلغ منها ما أحب، و نهاية الشيء تمامه و بدايته أوله.

قلــت: إذا توجهت همتك أيها المريد إلى طلب أي شيء كان، و أردت أن ينجح أمرك و تبلغ مرادك فيه، و تكون نهايتك حسنة، و عاقبته محمودة، فارجع إلى الله في بداية طلبه، و انسلخ من حولك و قوتك، و قل كما قال عليه الصلاة و السلام: " إن يكن من عند الله يمضه، فلا تحرص عليه و لا تهتم بشأنه، فما شاء الله كان، و ما لم يشأ لم يكن " فلو اجتمعت الإنس و الجن على أن ينفعوك بشيء لم يقدره الله لك لم يقدروا على ذلك، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك لم يقدروا على ذلك، جفت الأقلام و طويت الصحف كما في الحديث ، فإذا طلبت شيئا، و كنت فيه معتمدا على الله، و مفوضا أمرك إلى الله، تنظر ما سبق في علم الله، كان ذلك علامة نجح نهايتك و حصول مطلبك، قضيت في الحس أو لم تقض، لأن مرادك مع الله لا مع مراد نفسك، فقد انقلبت حظوظك حقوقا، لا تشتهي إلا ما قضى الله، و لا تنظر إلا ما يبرز من عند الله، قد فنيت عن حظوظك و شهواتك، و إن طلبت شيئا بنفسك معتمدا على حولك و قوتك، حريصا على قضائها، جاهدا في طلبها، كان ذلك علامة على عدم قضائها، و خيبة الرجاء فيها، و عدم نجح نهايتها، و إن قضيت في الحس وكلت إليها، فتتعب بسببها، و لم تعَنْ على شؤونها و مآربها، و هذا كله مجرب صحيح عند العام و الخاص، و هذه الحكمة تتميم لما قبلها و شرح لها و الله تعالى أعلم

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire