كيف تطلب العوض عن عمل هو متصدق به عليك، أم كيف تطلب الجزاء عن صدق هو مهديه إليك.

   قلت: العبد إنما هو آلة مسخرة، فإذا سخره ربه تحرك و إلا فلا، و إذا كان كذلك فلا نسبة لك في العمل إلا ظهوره عليك حكمة، فكيف تطلب العوض على عمل هو متصدق به عليك، و إذا منّ عليك بصدق العبودية، و هو سر الإخلاص، فكيف تطلب الجزاء على صدق هو مهديه إليك، و عبر في جهة العمل بالصدقة التي تكون للمحتاجين، في جهة الصدق بالهدية التي تكون للمحبوبين، لأن العمل، الناس فيه مشتركون، إذ جل الناس في العلم و الإخلاص قليل، و أهله أقل من القليل، و هم الخواص، أو خواص الخواص،

   قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: في قوله عليه الصلاة و السلام:" إنما أنا نعمة مهداة" الأنبياء لأممهم عطية، و نبينا لنا هدية، و العطية للمحتاجين، و الهدية للمحبوبين.

   قال الواسطي رضي الله عنه: مطالبة الأعواض على الطاعة من نسيان الفضل، و قال أبو العباس بن عطاء، أقرب الأشياء إلى مقت الله رؤية النفس و أفعالها، و أشد من ذلك مطالبة العوض على أفعالها/.

   و أعظم الأعمال التي تجد ثمرتها عاجلا و آجلا هو ذكر الله، و ثمرته هو النور الذي يشرق في القلب، فيضمحل به كل باطل، و الناس في هذا النور على قسمين،

   قسم سكن النور قلوبهم، فهم ذاكرون على الدوام، و قسم يطلبون وجوده بأذكارهم، و إلى هذا أشار بقوله فيما يلي:

 

الباب الثلاثون

في الأذكار و الأنوار

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire