الكائن في الكون، و لم يفتح له ميادين الغيوب مسجون بمحيطاته، و محصور في هيكل ذاته.
قلت: ميادين الغيوب هي ما أدركته الروح من ضيق الأشباح إلى عالم الأرواح، و من فضاء الشهود إلى معرفة الملك المعبود، فما دام الإنسان في الكون، بحيث لا يشهد إلا الكون و لا يدرك إلا الحس لم تفتح له ميادين الغيوب، أي لم يخرج من فضاء الشهود، فهو مسجون بمحيطاته، أي بالأكوان المحيطة به كالسماوات و الأفلاك الدائرة به، فهو في سجن الأكوان محصور أيضا في هيكل ذاته، أي في شكل بشريته، و كثائف جسمه.
فإذا غلبت روحانيته على بشريته، فقد خرجت من حصر الهيكل، و إذا نفذت بصيرته إلى فضاء الملكوت أو بحار الجبروت، فقد خرجت من سجن الأكوان إلى شهود المكون، فحينئذ تتحرر من سجن الأكوان، و تحظى بنعيم الشهود و العيان.
و أما ما دام محصورا في الهيكل مسجونا في الأكوان، فهو محجوب عن الله و لو كان عالما بالعلوم الرسمية، متبحرا فيها، إذ لا يزيده التغلغل فيها إلا حجابا عن الله، و قد قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: التغلغل في علم الظاهر يضر بصاحبه في علم الخصوص، أو ما هذا معناه، و قال في قوت القلوب: كل من لم يفتح له في هذا العلم (علم الباطن)، فهو من أهل اليمين، و كل من فتح له في علم الباطن، فهو من المقربين السابقين/.
أنت مع الأكوان ما لم تشهد الكون
و هو ظاهر لأن علم الرسوم لا يخرجه من سجن الأكوان، فهو مع الأكوان على الدوام، و إذا كان مع الأكوان فإين شهود المكون، كما قال الشيخ رضي الله عنه:
0 Commentaire(s)