ربما برزت الحقائق مكشوفة الأنوار إذا لم يؤذن لها في الإظهار.

   قلت: قد يتكلم الإنسان بحكم و حقائق مع فصاحة و بلاغة و شقائق، لكنها مكسوفة الأنوار مطموسة الأسرار، ليس فيها حلاوة، و لا عليها طلاوة، سبب ذلك عدم الإذن فيها، إذ لو أذن له في التعبير لظهر عليها كسوة التعبير.

   قال في لطائف المنن: من أجلِّ مواهب الله لأوليائه وجود العبارة، قال: و سمعت شيخنا أبا العباس يقول: الولي يكون مشحونا بالمعارف، و العلوم و الحقائق لديه مشهورة، حتى إذا أعطى العبارة، كان كالإذن من الله في الكلام، و قال: و سمعت أبا العباس يقول: كلام المأذون له يخرج و عليه كسوة و طلاوة، و كلام الذي لم يؤذن له يخرج مكسوف الأنوار، حتى إن الرجلان ليتكلمان بالحقيقة الواحدة، فتقبل من أحدهما و ترد على الآخر/.

   قلت: و ينبغي لأهل التعبير أن يخاطبوا الناس بقدر ما يفهمون، فليس التعبير لأهل البداية كأهل النهاية، و في الحديث: "خاطبوا الناس بقدر ما يفهمون" نعم إن ضاق الوقت على التفريق جمع الكل، و ذكر في البداية و الوسط و النهاية، و كل واحد يأخذ نصيبه و يشرب من منهله، قد علم كل أناس مشربهم، و هذه كانت طريقة الجنيد رضي الله عنه، يلقي الحقائق على رؤوس الأشهاد فقيل له في ذلك فقال: علمنا محفوظ أن يأخذه غير أهله، أو ما هذا معناه.

   ثم عبارتهم بعد الإذن لا تكون إلا لحكمة بينها الشيخ بقولــه:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire