مثال لذلك:

إذا سألك أحد من المعطي تقول هو الله، و إذا سألك من المانع تقول هو الله، و لكن سلوكك و تخلقك باسمي الله المعطي و المانع يبقى متوقف على الفهم فيهما، فأحيانا يتجلى الحق لعبده باسمه المعطي ليمنعه، كمثل من أكرم و نعم فظن أن ذلك حق له لا ينبغي لغيره، و أنه كرم ليس فيه امتحان، فيغيب عنه سلوك الشكر عن النعم فيكون مصيره المنع في العطاء، فهذا عطاء مصيره المنع فيكون حكمه المنع..

أما الثاني فيمنعه الحق من بعض العطاء المادي ليخصصه له و يبقيه على طريقه كما كان دأب السلف الصالح رضي الله عنهم ، فهو منع جزئي قصد العطاء الحقي...

فعندما يفهم العبد عن الله تجليه بأسمائه تصبح له ثقة بالحق سبحانه و يتساوى عنده العطاء و المنع، والصحة و المرض، و كما يقال يتساوى عنده الذهب و التراب، و هذا المقام يسمى مقام الاطمئنان، و مرتبته فوق مرتبة الإيمان، قال تعالى في حق موسى عليه السلام: (وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَ لَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ)..

و من أراد أن يطلع على أسرار الاطمئنان فليحل الكلمة على الأنوار الربانية: (لِّيَطۡمَئِنَّ) و هي كما يلي:

مررت على الأنوار مرور الكرام و من أراد التفرس فليلحق أنوار الحروف بحركاتها ليتأكد من طريق كل نور وبما يتم و بالله التوفيق.. فمن توفرت فيه هذه الأنوار حصل على درجة الاطمئنان ولم يحتج جسده و لن يفرز مخه إلا من 4 إلى 7 دورات في الثانية..فليحمد الله على ذلك..

النظام الثالث و هو النظام الذي سمي ألفا، و يحتاج العقل فيه إلى إنتاج أكثر من الكهرباء، و معدله من 8 إلى 13 دورة في الثانية، و يكون في وقت السمت و التفكر و التدبر .. وينصح المختصون بالخروج إلى الطبيعة الواسعة، و التأمل الهادئ أو اليوجا ... وصنعت الشركات التجارية أنواعا من الموسيقى المخصصة لذلك بناء على نصائح علماء النفس... ذَٰلِكَ مَبۡلَغُهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱهۡتَدَىٰ..

و الواقع أن هذا النظام لا يمكن أن يتحصل إلا بالإيمان، الذي يكون فيها السائر ينظر من حين لآخر إلى آيات الله، فتجده تارة يتحقق باسم من أسماء الله تعالى و تارة يتعلق به و ذلك كوقوف العبد بين يدي ربه في الصلاة و الاحتساب و مراقبة النفس ومراجعتها آناء الليل و أطراف النهار، فإن أصابه خير من الله شكر، و إن أصابته مصيبة احتسب و صبر.. و هذا يهيج فيه حاسة التفكر و التدبر من كونه إنسان و ما خلق من أجله، و ذلك يعينه في الخشوع و الخضوع بين يدي سيده و مولاه الذي خلقه فسواه، في أوقات الذكر و العبادة.. قال تعالى: (ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ١٩١)..

و هذه المرتبة أو هذه الدرجة تسمى: مقام الإيمان، و هو كما عرفه الحبيب الطبيب عليه صلوات الله و سلامه: ( أن تومن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و القدر خيره و شره)..

و إذا راجعناه على أنوار الحروف نجد له كذلك مقامات، فنجد من قوله تعالى في البقرة: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣)، فالسر أن لكل كلمة أنوارها حسب ما وردت به من حروف، و السر الجامع في قوله تعالى: (ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ)..

فإذا أحللنا كلمة ءامن على الأنوار نجد ما يلي:

الألف لها امتثال أمر الله عز و جل..

الميم للذكورية، و ذلك النفع و الانتفاع للعباد و للبلاد ..

و النون لها الفرح الكامل بما خلق الله من أجله و التوفق لمعرفة فضله عليك بهذه النعم..

و من تأمل حديث الحبيب المحبوب من خلال ما ذكر من الأنوار يجد فعلا أنه صلى الله عليه وسلم ( لا ينطق عن الهوى) صلى الله عليه و سلم و شرف و عظم و على آله و صحبه و سلم..

و نظام ألفا الكهرومغناطيسي يكسره الانتباه..

و المقصود منه، أن المؤمن ما دام في خشوعه و خضوعه فإن جسده لا يحتاج إلا إلى من 8 إلى 13 دورات في الثانية على أبعد تقدير، و لكن إذا التفت إلى ما حوله بالتدبير و الاختيار، فإنه يتدحرج من مقام حقيقة الإيمان إلى ما هو أدنى منه.. و تلك درجة الإسلام، و ذلك دليل قوله تعالى: (قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ)..

و هذا ليس المقصود منه أي نظر إلى أمور الدنيا كالحرث و النسل و الصناعة و جميع أمور تدبير الحياة والمعاش، و إنما النظر فيها على دربين..

فمن نظر إليها أنها مقام يجب الوقوف فيه، بما أوتي من حقيقة فتلك وقفة طبيعية، و يسمى العمل فيها بالله و هو لا يخلو من تفكر و تدبر، و عكسه هو الذي يفعل نفس الفعل معتمدا على ذكائه ضانا أنه هو المدبر لكل اختياراته و ذلك يحتاج إلى طاقة أكبر من الكهرباء، و بالتالي يكسر على المرء سكونه و تفكره و سمته..

أما النظام الرابع و يسمى بيتا، فهو الذي يضطر فيه الفكر إلى إفراز أكبر الشحنات الكهرومغناطيسية و هي ما فوق 14 دورة في الثانية، و ذلك دأب الماديين الذين لا إيمان لهم و لا عقيدة، يكون نمط شغلهم في العمل والحياة الظاهرة كسائر الناس، إلا أنهم إذا أفلحوا في شيء سندوا الفلاح فيه إلى أنفسهم و إلا سندوا الفشل إلى الغير.. و مصطلح الفلاح و الفشل عندهم هو انتفاعهم المادي أو خسارتهم فيه، و لا يعيرون الغير أي اعتبار، و لذلك تجدهم في نصب و شقاء منقطعين إلى الدنيا مقابل غرائز حيوانية من مأكل و مشرب و مسكن و منكح أو شيطانية ككبر أو عظمة أو رياء و سمعة.. فتجدهم إذا ربحوا لم يقنعوا و إذا خسروا لم يخضعوا.. فهم على الدوام في نيران متعاقبة في الربح و الخسارة و في السر و العلن و في الليل و النهار.. و كما يقال هم إخوان الشياطين، إذا جاعوا سرقوا و إذا شبعوا فسقوا...

فالجسد عند هؤلاء يحتاج إلى أقوى التيارات الكهروميغناطيسية حتى يقاوم كل هذه الانفعالات التي لا تنتهي، و مكان ارتكازها يكون في الجبين كما يقول أهل الاختصاص، و هي المنطقة تسمى بلغة القرآن: الناصية..

هنا في منطقة الناصية تتجمع جميع الأمراض النفسية و العقد، و هي مستنزفة للطاقة البشرية، قال تعالى: (كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ ١٦)..

نور علماء الإعجاز في الحقبة الأخيرة هذه الآية الشريفة حيث وجدوا أن وظيفة الجزء من المخ الذي يقع في ناصية الإنسان هي توجيه سلوك الإنسان، و أن الإنسان إذا أراد أن يعتمد يكذب أو الخطأ فإن القرار يتخذ في هذا الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته، و القرار كذلك يتخذ في هذه الناصية..

تنبه الأمريكان إلى هذا منذ فترة طويلة على إثر إصابة عامل في سكك الحديد في جبينه فحصل من جراء إصابته تغيير سلوكه بالكلية، و منه اتخذ الأمريكيون عقوبة استأصال هذه المنطقة الحساسة بالنسبة لشواذ المجرمين الذين يحاربون القوات النظامية بشدة جرمهم و قسوة بشريتهم...

باختصار شديد.. لقد اتفق علماء فيزياء الحياة على أن الناصية تفرز نظام بيتا الكهرومغناطيسي المدمر لطبيعة الإنسان البشرية، و كذلك علماء وظائف الأعضاء و علماء النفس على أن الناصية هي المسئولة في أخذ القرارات السلوكية، فالذي نريده لا بد أن يخطر ببال كل مؤمن بل كل مفكر و عاقل:

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire