القوامة يشترك فيها الجميع

و القوّامة يشترك فيها الرجال و النساء معا.. و تشترك فيها حتى الأمة و الدولة و السلطان.. و هذا ما تشير إليه الآية الكريمة و كذلك التي تأتي بعدها في الآية 35 من قوله تعالى : (وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ).. فضمير الجمع في ( خفتم) و في ( فابعثوا) مرجع إلى جماعة المسلمين و إمامهم، و هذا واضح في تشريع الحبيب سيدنا محمد و كذلك في سنة الخلفاء الراشدين، نفس الضمير في الآية 34 قبلها و التي نحن بصددها من قولها تعالى: (وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا ٣٤).. فالضمير في تخافون مرجعه كذلك إلى جماعة المسلمين و إمامهم، و كذلك الموعظة و الهجر و الضرب فلا يجب أن ينفرد بقراره الزوج وحده فيقع الانفلات و الفلتان بهوى النفس في حد الله و حكمه، و لكن يجب أن تؤسس قوانين فقهية و أحكام شرعية، و هذا ما شرع له رسول الله بحديثه: أردنا شيئا و ما أراد الله خير..

و هذه هي القوامة.. فما كان من جهة الرجل فتحملها و الصبر عليها و التحلي بها كشرط من شروط الرجولية و الإنسانية.. فلا يكمل إيمان إلا بها، و لا تكون مسؤولية بعدم وجودها..

أما من جهة المرأة فالعمل على أن يتحمل الرجل هذه القوّامة بالعلم و العمل و حتى إن دعت الضرورة المحاربة من أجل ذلك، لأن الرجل إذا انسلخ من مسؤولية الاستقامة و التقويم و القيام، فإن الضرر لا يلحقه وحده، و لكنها معنية كذلك بهذا الضرر و كذلك الأولاد و كل المجتمع ..

و هذا يسنده من قول الله ما استهلت به الآية الشريفة.. (ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ
بَعۡض
ٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ) فالبعضية في التفضيل راجع خصوص أمرها إلى الرجال و كذلك في الإنفاق، و لكن عموم السر في البعضية راجع إلى الرجال و النساء معا، فكم من امرأة أعانت على قوامة زوجها بقوة إيمانها أو بوفرة مالها، و لنا في رسول الله مع أمنا خديجة أسوة، و كذلك في المرأة التي سمع الله قولها و هي تجادل في زوجها و تشتكي إلى الله.. و قد سمع الله تحاورها مع رسول الله...

فقد يكون التفضيل بالعلم و الحلم و الحكمة و المال عند الرجل، كما يمكن أن يكون عند المرأة، فإذا كان الله قد فضل المرأة على الرجل في فكر أو علم أو رجاحة عقل أو تدبير أو تسيير، فلتنفقه في استقامة الرجل و تقويمة قصد قوّامته، فإنه إن حصلت قوّامته فعلا، فإنه يطيب لها معه المقام، و مهما نقص من قوّامته نقص استقرارها معه بقدر نقصه في القوّامة..

و هذا معنى قولهم: وراء كل رجل عظيم امرأة.. أو كل عظيم وراءه امرأة..

إنما القوامة قوامة إيمانية صادقة مقومة بدعائم الإيمان و مثبتة بمثبتات الاطمئنان و الإحسان... و على المجتمع الرجالي و النسائي معا أن يدعم القوامة بكل قوامة...

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire