نظرة علمية فيزيائية إلى مقام التكريم

بعد توليد الكهرباء، عرف علم الفيسيولوجيا الكهربائية L’électrophysiologie.. وهي دراسة الظواهر الكهربائية والكهروكيميائية التي تتكون في الخلايا أو انسجة الكائنات الحية وعلى الخصوص التي تعيش في الخلايا العصبية والألياف العضلية..

تنطوي هذه الظواهر الكهربية على مختلف قياسات الجهد والتيار الكهربائي على المستويات البيولوجية المختلفة من القناة الأيونية المعزولة إلى مختلف الأعضاء كالقلب والكبد والكلي...

ففي علم الأعصاب يدرس علم الفيسيولوجية الكهربية النشاط الكهربائي للخلايا العصبية وعلى الخصوص إمكانية بدأ حركة العضو/ وكذلك النشاط الكهربي الأوسع في الجهاز العصبي.. وهذا له أجهزة مخصصة لذلك كجهاز كشف الكهربية العصبية (électroencéphalographie)...

موضوع بحثنا في العقل المفكر والمدبر، فنجد له تيارات كهربائية مختلفة، وتسمى الموجات الدماغية.. في سنة 1875 اكتشف طبيب إنجليزي أن المخ يولد تيارات كهربائية، و في سنة 1928 ركز العالم بيرجي على أن التيارات ليست ثابتة و لا مستقرة، و لكنها تجري على شكل جهاز موجات دورية.. تقاس بأقطاب كهربائية (électrodes) توضع على فروة الرأس وترتبط بجهاز قياس يسمة مخطاط كهربية الدماغ (électroencéphalographe) حيث أن إيقاع هذه الضربات يترجم على شكل موجات مختلفة..

وتتجلى كثافة النشاط الدماغي على وثيرة هذه الموجات، التي تقاس بالهرتز (hertz) الذي يساوي تموج في الثانية الواحدة.. فإذا كان التخطيط لا يسجل شيء فهذا دليل على أنه لا يوجد نشاط في المخ.. أما التخطيطات المعروفة والمسجلة هي من 4 إلى 5 نظم كل لها تعريف ودلالة وهي كما يلي:

1)نظام دلتـا Rythme delta و هي موجات ثقيلة تجري ما بين 0,5 إلى 4 هرتز (Hz)، و لا نصادفها إلا في النوم العميق، والحلم يكسرها..

2)نظام تيتـا Rythme Thêta وله تردد من 4 إلى 7 هرتز (Hz)، و تتحقق في الاسترخاء التام ويكون صاحبها في وعس كامل، ولا يتوفق لها سوى المتأملين من ذوي الخبرة..

3)نظام ألفا RythmeAlfa و له من 8 إلى 13 هرتز (Hz)، و هي أشعة تخلق التأمل الهادئ، و الانتباه يكسره و يمنعه..

4)نظام بيتاRythme BETA و هو ما فوق 14 (هرتز (Hz) وهي أنشطة روتينية، وتمر إليها الموجات الدماغية خلال وقت وجيز حتى عند الأحلام المفزعة، أما في اليقضة فتكون عندل كل قلق وتوتر وعدم الرضى.. وتكون هذه الموجات محبوسة في المنطقة الجبينية للدماغ حيث ترتكز العقد النفسية..

5) يملكن الكلام على نظام خامس ويسمة نظام جاما Rythme Gammaوهو الذي يفوق 30 أو 35 هرتز (Hz) وهو الذي يبرهن على حركة دماغية قوية، وهذا الذي يحدث عند حل المشكلات المعقدة أو أثناء العمليات المركزة.. (ولا يجب الخلط بين هذا النظام وأشعة جاما المنبعث من نواة الذرة..

فهذه الطاقة الكهروفيسيولوجية هي من التقويم التي خلق الله بها الإنسان، و هي على أربع مراتب أو تكوينات أو مكونات كل يتبع أصله ..

و هذه التيارات الكهروفسيولوجية التي يولدها المخ بطبيعة حقيقية في أوقات مختلفة و بنظم مختلفة إنما هي طاقة، و هذه الطاقة هي التي يحتاجها الجسم لتنشيط الأعضاء في وظائفها الظاهرة و الباطنة ..ولسنا في حاجة إلى التعمق في تفاصيل المخ الذي يتكون من نصفي دائرة.. وكما يعلم الطب العصبي أن كل منهما يعمل بحيادية عن الآخر، حيث أن النصف اليسار عادة ما يكون مهيمن وهو مقر المنطق والعقلانية، أما النصف اليميني فخصوصه الإنشاء والإبداع .. أما مناطق المخ فمتعددة منها منطقة اللغة أو منطقة النظر أو منطقة الحساسية أو منطقة العاطفة...

فتواتر الموجات الدماغية إذن يختلف حسب نوع المهمة التي ينخرط فيها الفكر، ولكن للفكر علاقة بالسلوك الفردي الذي ينتهجه الفرد المنخرط أو المفكر، و هذه الطاقة الفكرية بقدر ما أحسن تدبيرها بقدر ما يحافظ فيها على صحة الجسد و سلامته، و بقدر إهدار الطاقة فيه و عدم تسييرها و إهدارها في غير موجب، بقدر ما تحصل للجسد المتاعب و ربما التعويق والضياع، تماما كأي آلة تشتغل بالطاقة أو بالكهرباء.. ويتحمل مع ضياعه النفسي وكذلك ما تسبب في إتلافه أو إخراجه عن المصلحة التي أنشئ لها وهذا هو الفرق بين الإنسان الذي يتحمل تبعات نفسه المخطئة وتبعات ما أخطأ فيه، بينما والآلة يُتحمل تبعاتها ولا تتحمل هي شيئا..

ولذلك كانت الموجات الدماغية تختلف في النازلة باختلاف الأفراد، حسب تكوينه وتجربته وقناعته العقدية، وهذا الذي يُقصد به العلم الموافق أو العلم الرباني، والشرع الحكيم له أداة ومطية قال تعالى: يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩
.. فالركوع والسجود وكل العبادات التزام فردي، ويبقى معلقا بالجماعي في فعل الخير، فإن حصل التوافق في الجنس والحس صاحبهما الفلاح وهذا معنى قوله تعالى:لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ..

وهذا جوهر الدين وهذا المقصد منه والمطلب، وهو خيرك وبرك وصحتك ونجاحك وصلاحك وفلاحك في الدين والدنيا والآخرة... قال تعالى: مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا.. وقال تعالى: يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ.. وقال تعالى: يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire